النوايسة: توثيق التراث غير المادي جوهر المجلة ليكون جسرا بين الأجيال

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان – بعد إعلان وزير الثقافة مصطفى الرواشدة إعادة إصدار مجلة "الفنون الشعبية" ابتداء من هذا العام؛ تحدث رئيس تحرير المجلة الدكتور حكمت النوايسة عن أهمية هذا القرار ودور المجلة في توثيق التراث الشعبي في مختلف مناطقه، ليكون وسيلة تواصل فعالة بين الأجيال.اضافة اعلان
وتعد مجلة "الفنون الشعبية" إحدى الإصدارات الثقافية المميزة التي تشرف عليها وزارة الثقافة الأردنية، حيث تسلط الضوء على التراث الثقافي غير المادي الذي يشكل جزءا مهما من هوية الوطن.
وفي لقاء خاص مع "الغد"، تطرق النوايسة، إلى العديد من القضايا التي تواجه المجلة، بما في ذلك التحديات التي تواجه المجلات الثقافية في الأردن بشكل عام، وأبرز الطموحات التي يسعى لتحقيقها في المستقبل.
أشار النوايسة إلى أهمية دعم المجلة وتطوير آليات تسويقها، بالإضافة إلى توثيق التراث الشعبي في مختلف مناطقه، ليكون وسيلة تواصل فعالة بين الأجيال.
إعلان وزير الثقافة إعادة إصدار مجلة "الفنون الشعبية" يأتي نظرا لأهميتها في قطاع الثقافة الذي تنتمي إليه. كما قرر الرواشدة إعادة تشكيل هيئة تحرير المجلة، التي تضم: الدكتور حكمت النوايسة رئيسا للتحرير، والدكتور عاقل الخوالدة مدير مديرية التراث ومدير مديرية الشؤون الثقافية في الوزارة، مقررا، وعضوية كلٍ من الباحثين والأدباء: د. أحمد شريف الزعبي، عارف عواد الهلال، إبراهيم السواعير، والدكتور حسن المجالي (مدققا لغويا)، وأماني أبو حمور من مديرية التراث في الوزارة سكرتيرا للتحرير.
تحدث النوايسة، حول أسباب توقف مجلة "الفنون الشعبية" طوال ثلاث سنوات، وخطته المستقبلية للمجلة. حيث قال: المجلة مبدئيا لها خط واضح من حيث الأبواب وترتيبها، واختيار الملفات من قبل أعضاء هيئة التحرير، وتحديد طبيعة المواد وفرزها بحيث تكون ضمن اختصاصها في التراث الثقافي غير المادي، مع تمييزه عن التراث المادي. وعبر عن أسفه لعدم وجود مجلة خاصة بالتراث المادي في الأردن، رغم أن فيه مادة غنية جدا في هذا الإطار.
أما عن العوامل التي أدت إلى توقفها، فقد رأى النوايسة أن هناك عوامل كثيرة قد تؤدي إلى توقف أي مشروع من مشروعات الوزارة، سواء كانت المجلات أو غيرها، مثل التفرغ الإبداعي. ومن هذه العوامل الجوانب المادية، ومدى توافر الرصيد المطلوب ضمن موازنة الوزارة.  وأضاف: "من الأسباب أحيانا، أقولها بأسف، نزق المسؤول أو عدم دراسة الأمور من الجوانب العميقة. فقد طُرح غير مرة توقيف مجلة "أفكار"، وهي المجلة التي تشكل هوية ثقافية وبتاريخ عميق، وبأعداد صارت في المئات، وهي عنوان مهم في الوزارة. وتوقيفها يعد توقفا عن إبراز الصوت الثقافي الأردني في إطاره العربي، حيث إن كثيرا من أشهر الكتاب العرب قد نشروا فيها أو كتبوا عنهم فيها، كما أنها مرجعية للشباب والأجيال الجديدة". وتابع: أما مجلة "الفنون الشعبية" فهي من المجلات العريقة ليس على المستوى الوطني المحلي فقط، بل على المستوى العربي أيضا. وعندما أعدنا نشرها، وجدنا في الأعداد السابقة إرثا ثقافيا كبيرا. واستطعنا أن نحمل الأعداد من العدد الأول إلى العدد الذي توقفت عنده، ثم واصلنا إصدارها، حتى توقفت في المرة الأخيرة. وها نحن نواصل الإصدار بدعم من الوزير مصطفى الرواشدة وبجهود الزملاء والأخوة في هيئة التحرير، ومديرية التراث في وزارة الثقافة.
أما عن تطور المجلة في المستقبل والأفكار التي يمكن أن تسهم في تحسين محتواها لجذب جمهورها، فقد قال النوايسة: "هناك الكثير من الأفكار التي يمكن اعتمادها في تطوير عمل المجلة، ولعل أهمها هو إيجاد توازن بين الدراسات العميقة والمقالات الخفيفة التي تتناول مواضيع ضمن اختصاص المجلة. وهذا أمر بالغ الأهمية، فالأجيال الجديدة هي أجيال السرعة و(الديليفري) كما هو شائع، وفيهم الدارسون المهتمون. بناء عليه، يجب أن تكون المجلة موجهة لهؤلاء ولأولئك، والأهم من ذلك أن تصل إليهم وإلى القارئ بشكل عام. وهذا يتطلب أن تكون المجلة متاحة ورقيا، بتوزيع صحيح في الجامعات، والمكتبات العامة، ومكتبات البيع المباشر بسعر رمزي كحال كتب الوزارة. فضلا عن وجودها على شبكة التواصل الاجتماعي، وتوصيلها عبر أي وسيلة للمواقع المهتمة بالتراث الثقافي غير المادي على المستوى العربي".
وواصل النوايسة حديثه قائلا: "يتضمن كل عدد ملخصا باللغتين الإنجليزية والعربية، يُوزع على وكالات الأنباء العالمية والمحلية، بمعنى أنه لا بد من وضع خطة تسويق جديدة وجادة. أما فيما يتعلق بالمحتوى، فإن لدى هيئة التحرير الجديدة تصورا جيدا لتطويره، مع الحفاظ على الثيمة الأساسية في عمل المجلة، وهي التراث غير المادي. 
وتابع: فلو سألنا أنفسنا.. أين نضع ذكريات الجنود الذين شاركوا في معركة الكرامة، أو حرب 67، أو حرب 48؟ فالإجابة تكون واضحة، إذ إن هذا يشكل جزءا من الإرث غير المادي، باعتباره جزءا من هوية الوطن التي تحفظها الأجيال، فضلا عن كونه تاريخا. ونحن نطلق، كما هو متعارف عليه عالميا، على حامل هذه الذكريات بتفاصيلها صفة (الكنز البشري). وللأسف، فقد فقدنا العديد منهم، سواء في مجال السياسة، أو في الحياة الاجتماعية، أو في غيرها من مجالات نضال الإنسان الأردني عبر العصور، وعبر المائة عام من تكوين الدولة الحديثة".
وحول المواد التي تعتمدها المجلة هل تعتمد على التراث الشعبي أم على الواقع المعاصر؟ رأى النوايسة أن هناك تعريفا محددا للتراث الثقافي غير المادي، وفق اتفاقية اليونسكو في عام 2003، أو في الدراسات المهمة في هذا الإطار. ويُعرف التراث الثقافي غير المادي على أنه "الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية تعدها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي.
 وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بشكل مستمر بما يتوافق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية.
فعلى سبيل المثال، نرى أن البترا أو جرش تُعد تراثا ماديا، ولكن الحياة الاجتماعية المرتبطة بهما هي تراث غير مادي. فهناك ممارسات وسلوكيات ارتبطت بالوجود البشري بالقرب من هذه الأماكن والعيش فيها، وهنا يتكون التراث غير المادي. وهناك عادات تتطور نتيجة القرب من المكان، وحرف تتطور بسبب هذا القرب أو الاعتماد عليه في العيش، مثل الخزف، والنسيج، وأحيانا المطبخ. ومن هنا يكون لدينا شقان: التراث الثقافي المادي وغير المادي معا. وحول أبرز التحديات التي تواجه المجلات في الأردن، وخاصة تلك التي تصدرها جهات حكومية مثل وزارة الثقافة، قال النوايسة: "سؤال جيد، وجوابي الصريح هو أنه لا توجد مشكلة في وزارة تتحدى صدور المجلة التي تشكل جزءا من هوية الوزارة وجزءا مكتوبا من هوية المواطن التي يعتز بها. وهذا كله جزء مهم من عمل الوزارة بشكل عام، والمسؤولين بشكل خاص. وبناء عليه، لا يوجد عذر لإيقاف أي مجلة من المجلات التي تصدرها الوزارة، بل يجب دعمها، وتطوير آليات تسويقها بتخصيص موظفين لهذا الموضوع، سواء كانت مجلة 'الفنون الشعبية' أو أي مجلة أخرى تصدرها الوزارة".
وأخيرا، كرئيس تحرير لمجلة "الفنون الشعبية"، ما الطموحات التي ترغب في تقديمها للقارئ من خلال هذه المجلة؟ وما الهدف الذي تسعى لتحقيقه؟ قال النوايسة: "أطمح، أنا وفريق العمل في المجلة، المكون من أكاديميين وأدباء، مثل الدكتور عاقل الخوالدة وهو مقررا، وعضوية كل من: الدكتور أحمد شريف الزعبي، عارف عواد الهلال، إبراهيم السواعير، والدكتور حسن المجالي (مدققا لغويا)، وأماني أبو حمور، بكل بساطة، أن تصل المجلة إلى الناس، كما أشرت سابقا. فضلا عن توسيع المجالات التي تتناولها المجلة، ومتابعة حياة الناس في القرى والبوادي والمدن على السواء. لدينا مادة ممتازة ومتجددة، ونحن بحاجة إلى توثيقها وجعلها وسيلة تواصل بين الأجيال.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق