“الوشق القطي” المصري الشرس “مافدت”، هو كائن سريع مموه رائع الجمال ذو شخصية جذابة، وهو ما ينطبق على كل أنواع قطط الوشق المفترسة، وهذه الصفات جعلت المصري القديم الذي كان راصدًا للطبيعة والكائنات من حوله، يختار "الوشق" لتكون أنثاه رمز هام ومؤثر في الطقس والأسطورة، فجعلها الحامية والخيرة والقاضية على الشر "مافدت"، وهذا القط لا يُهاجم البشر، إلا في حالة التعدي على أرضه، ودخول مساحة نفوذه.
وقال المؤرخ وعالم الآثار بسام الشماع إن مافدت في أقدم نصوص طقسية منحوتة على جدران حجرية لها علاقة ببعض الأهرام، وهذه النصوص تسمى الآن متون الأهرام، وقد نقشها المصري القديم بالهيروغليفية على جدران غرف الدفن والمجاورة في تسع أهرامات يرجع زمنهم للدولة القديمة والعصر الوسيط الأول.
هذه النصوص تم اكتشافها في غرف ٩ أهرامات من الدولة القديمة و يرجع زمنهم ما بين زمن عامي ٢٣٧٥ و٢١٨١ قبل الميلاد مثل أهرامات الملوك ونيس، وببي الأول و الثاني، وزوجاته: نيت وإيبوت وودجبين، وأيضا الملك وتتي ومرنرع، و هرم يرجع للعصر الوسيط الأول و الذي استمر من ٢١٨١ حتى ٢٠٥٥ ق.م، وأقدم هذه النصوص و المتون كانت في غرف هرم الملك ونيس و هو آخر ملوك الأسرة الخامسة.
تم ذكر مافدت، المعبودة الوشق، كمهاجمة ومنقضة على الشر ممثلا في ثعبان شرير في مقولة رفم ٢٩٥ بمتون الأهرام، يقول النص القديم: "مافدت نقفز على عنق ثعبان "اندي -إف.و تفعلها ثانية في عنق الحية التي رفعت رأسها.من ذلك الذي سينجو إنه أنا الذي سينجو".
وتعود الوشق المصرية "مافدت" لتساعد الملك المتوفى وتحمية من الأشرار، يقول النص في متون الأهرامات، في مقولة رقم ٢٩٧: "يدي فوقك، المنتقم هو الذي فوقك مافدت العظيمة في بيت الحياة، إنها تضربك في وجهك، وتخربشك في عينك حتى تقع على قذوراتك وتزحف على بولك، أسقط واقبع لأن أمك "نوت" تراك.
وبالتالي هذا يؤكد ان أحد أدوار مافدت هو مساعدة الملك المتوفى ضد الثعابين الشريرة، صُوّرت برأس قطة أو نمس، ورُسمت لاحقًا على شكل فهد أو وشق، ومن الأدوار الأخرى أنها كانت تصطاد وتقتل أعداء المعبود الشمسي الأسطوري رع.
وظهرت أيضًا كحيوان يشبه القطة يقتل ثعبان أبوفيس، في مقبرة إنحرخو بالبر الغربي من الأقصر يظهر جليا و ملونا منظر حيوان لقطة يقتل ثعبان أبوفيس الشرير [اببي]، فهل هذه القطة وشق في الأصل؟
وربما كانت مافدت أول معبودة مصرية تُصوَّر على شكل قطة برية، وقد ظهرت لأول مرة في البانثيون المصري في نصوص أهرام الدولة القديمة.
وقد ارتبطت بالوشق وأنثى الأسد والفهد، وهي أول من صُوِّرت على شكل معبودة برأس قطة وجسم إنسان.
وفي نصوص أهرام أوناس، صُوِّرت مافدت كمدافعة قوية ضد ثعابين مثل "أنتا-ف" و"تشيسر-تب"، رمزًا لقوة ربوبية ضد الفوضى والشر. وتُبرز هذه النصوص الدور الحاسم لمافدت في حماية الموتى وضمان مرورهم الآمن إلى الحياة الآخرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود مافتدت في النسخة الطيبية لكتاب الموتى، بالتعاون مع آلهة مثل سركويت وماعت للإطاحة بالثعبان إبيب، يعزز أهمية المعبود الوشق في المعتقدات الدينية والثقافية لمصر القديمة.
و يتمثل شر الثعبان أبوفيس “هيروغليفي: أببي” ليس فقط في مهاجمته وعداءه الأبدية ضد معبود الشمس الخير و لكن أيضا في كونه مظهر من مظاهر الخواء الساعي إلى القضاء على الإنجاز الربوبي، فهو المقابل في عالم المخيلة لقوى القصور و التردي التي ترمي إلى القضاء على كل ما تم انجابه أو إنجازه، ثعبان أبني هو أسوأ المخاطر التي تهدد الخليقة فهو الذي أيضا يحاول قلب قارب الشمس أثناء رحلتها في ساعات الليل الحرجة.
الوشق مافدت تنقذ رع الشمس وكتب عنها المصري القديم: "تقطع رأسك بهذه السكين التي في يد مافدت التي تسكن في بيت الحياة، وسيُسحب هذه الاشياء التي في فمك وسيسحب سمُك بهذه الحبال الأربعة التي من نعل "أوسير" أيها الوحش اقبع سافلا ، أيها الثور ازحف عائدا "كما تقول المقطوعة رقم ٢٩٨ في متون الأهرام.
وفي واقعة غريبة، تعرض عددا من جنود الاحتلال لهجوم من حيوان الوشق المصري، أحد أشرس الحيوانات البرية وأكثرها ندرة، ولم يكن الجنود يتوقعون أن يأتيهم الخطر من قلب الطبيعة، حيث باغتهم هذا المفترس الصغير بمهاراته القتالية، ما أسفر عن إصابتهم بجروح متفاوتة.




0 تعليق