في ضربة قاسية لطموحات أوروبا الصناعية، أعلنت الشركة السويدية «نورث فولت»، أيقونة صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في القارة، إفلاسها رسمياً بعد تسع سنوات فقط من تأسيسها، مُعلنةً عن ديون بلغت 5.8 مليار دولار، وهو ما يمثّل انتكاسة كبرى للجهود الأوروبية لمواكبة المنافسة العالمية في سباق التحول نحو المركبات النظيفة.عُرفت «نورث فولت» كمشروع استراتيجي مدعوم من الاتحاد الأوروبي وحكومات مثل ألمانيا والسويد، بهدف تقليل الاعتماد على البطاريات الصينية والأمريكية. وقد حصلت الشركة على استثمارات ضخمة وتعهدات من مصنّعي سيارات كـ«فولكسفاغن» و«بي إم دبليو» و«فولفو»، لكنها فشلت في تحقيق الجدوى الاقتصادية، بسبب المنافسة الصينية الساحقة حيث تهيمن شركات مثل «CATL» و«BYD» على السوق بأسعار منخفضة وتكنولوجيا متقدمة. وتعثر الإنتاج والتسليم حيث تأخرت «نورث فولت» في الوفاء بالطلبيات، ما دفع شركات مثل «بي إم دبليو» لإلغاء عقودها.بالإضافة إلى تباطؤ الطلب الأوروبي في ظل ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية وتراجع الدعم الحكومي في بعض الدول ما أثّرا على مبيعات القطاع.من أبرز تداعيات الإفلاس أن أوروبا تفقد سلاحها الاستراتيجي واعتماداً متزايداً على الصين حيث تُزوّد الصين 80% من بطاريات العالم، وإفلاس «نورث فولت» يعمّق هذه التبعية، كما سيؤدي ذلك الإفلاس إلى تهديد الوظائف إذ كانت الشركة توظف آلاف العمال في السويد وألمانيا، وسيؤدي انهيارها إلى خسائر اجتماعية. وتراجع الثقة بالمشاريع الأوروبية وتشكيك المستثمرين في قدرة أوروبا على بناء سلاسل إمداد مستقلة.رغم الصعوبات، ثمة مسارات قد تعيد التوازن: تعزيز الحماية التجارية من خلال فرض رسوم إضافية على البطاريات الصينية، كما فعلت أمريكا بموجب قانون IRA، ودمج التكنولوجيا الأمريكية والتعاون مع شركات مثل تسلا أو جنرال موتورز لتطوير بطاريات مبتكرة، بالإضافة إلى إصلاح السياسات الصناعية وزيادة الدعم المالي للبحث والتطوير، كما فعلت الصين عبر خططها الخمسية.إفلاس «نورث فولت» ليس مجرد فشل شركة، بل هو جرس إنذار عن مخاطر تأخر أوروبا في سباق التصنيع الأخضر. إذا لم تُسرع القارة العجوز في تبنّي استراتيجيات أكثر ذكاء وجرأة -عبر تحالفات تكنولوجية واستثمارات هائلة- فإنها قد تجد نفسها خارج خريطة المنافسة، ليس فقط أمام الصين، بل وحتى أمام الولايات المتحدة التي تتقدم بخطى ثابتة في هذا المجال.الدرس الأكبر هنا هو أن الطموحات الخضراء لا تتحقق بالتمني، بل بالاستثمار الواقعي والابتكار السريع، وهما مجالان تحتاج أوروبا إلى إعادة نظر جذرية فيهما.
بعد إفلاس أيقونتها.. هل تخسر أوروبا معركة السيارات الكهربائية أمام الصين؟

بعد إفلاس أيقونتها.. هل تخسر أوروبا معركة السيارات الكهربائية أمام الصين؟
0 تعليق