النوم من الحاجات الأساسية التي لا غنى عنها للحفاظ على التوازن الجسدي والنفسي، لكن توقيت النوم نفسه له تأثير بالغ في جودته وتأثيره على الصحة، وبينما يضطر البعض للنوم نهارًا بسبب العمل الليلي أو تغيرات نمط الحياة، وتظل هناك اختلافات بيولوجية ونفسية بين النوم ليلًا والنوم في ساعات النهار، وهذه الفروقات تنعكس بشكل واضح على الصحة العامة للجسم والعقل.

الإيقاع البيولوجي للجسم مرتبط بالليل

الجسم البشري مبرمج بيولوجيًا للنوم أثناء الليل والاستيقاظ أثناء النهار، وذلك من خلال ما يعرف بإيقاع الساعة البيولوجية، وهذه الساعة الداخلية تعمل بتناغم مع الضوء الطبيعي، فتفرز هرمون الميلاتونين المسؤول عن الشعور بالنعاس مع حلول الظلام، وعند النوم في الليل يكون الميلاتونين في أعلى مستوياته مما يسهل الدخول في نوم عميق ومريح، أما النوم في النهار، فيتعارض مع هذا الإيقاع الطبيعي، إذ يكون الضوء هو السائد مما يضعف من إفراز هذا الهرمون ويؤثر سلبًا على جودة النوم.

تأثير نوم النهار على جودة النوم

نوم النهار غالبًا ما يكون أقل جودة وعمقًا مقارنة بنوم الليل حتى وإن كانت عدد ساعاته متقاربة، والضوضاء، وحرارة الجو، ونفاذ الضوء إلى الغرفة من عوامل تقلل من الاستغراق في النوم، وتزيد من فرص الاستيقاظ المتكرر، كما أن النوم في النهار لا يمنح نفس الفوائد التي يوفرها النوم الليلي على مستوى استعادة الطاقة الجسدية وتوازن الهرمونات وتنشيط الدماغ.

تأثير النوم النهاري على الصحة النفسية

الاعتماد على النوم النهاري بدلاً من الليلي قد يتسبب في اضطرابات نفسية على المدى الطويل منها الشعور بالاكتئاب أو التوتر نتيجة اضطراب الساعة البيولوجية، وقلة التعرض لأشعة الشمس التي تعزز من إفراز السيروتونين وهو الهرمون المسؤول عن تحسين المزاج، كما أن العزلة الاجتماعية التي قد تنتج عن النوم خلال ساعات نشاط المجتمع تؤدي إلى تراجع في الصحة النفسية والشعور بالوحدة.

العلاقة بين النوم الليلي وصحة القلب

أظهرت الدراسات أن النوم المنتظم في الليل يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب وضغط الدم المرتفع، إذ أن النوم الليلي العميق يساعد على خفض معدل ضربات القلب وضغط الدم، مما يتيح للقلب فرصة للراحة، بالمقابل النوم المضطرب في النهار قد يؤدي إلى تقلبات في ضغط الدم وازدياد خطر الإصابة بأمراض مزمنة على المدى البعيد.

التأثير على الجهاز المناعي والهرمونات

النوم في الليل يعزز من نشاط الجهاز المناعي مما يساعد الجسم في محاربة الأمراض بشكل أفضل، كذلك فإن النوم الليلي المنتظم يساهم في تنظيم هرمونات الجوع والشبع مثل الجريلين واللبتين مما يساعد في الحفاظ على وزن صحي، وأما النوم في النهار خاصة عند تغيّر ساعات النوم بشكل مستمر قد يؤدي إلى خلل في هذه الهرمونات وزيادة احتمالية زيادة الوزن واضطرابات الجهاز الهضمي.