تناقضات قانونية وثغرات في منظومة "الرعاية البديلة".. ما الحلول؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمّان- كشفت دراسة بحثية متخصصة حول منظومة "الرعاية البديلة والاحتضان" في المملكة، عن وجود "العديد من الفجوات التشريعية" في الإطار التشريعي الناظم لكلا البرنامجين في المنظومة، وكذلك تضارب بعض الأحكام والنصوص القانونية ذات الصلة، ما يستدعي العمل على إجراء مراجعة تشريعية شمولية في ضوء أحكام قانون الأحداث النافذ رقم 32 لسنة 2014 وواقع التطبيق العملي، خاصة أن نظام رعاية الطفولة وتعليمات الاحتضان، قد صدرا قبل إقرار قانون الأحداث ولم يطرأ عليهما مراجعة منذ ذلك الوقت.  اضافة اعلان
واعتمدت الدراسة التي أعدها مركز العدل للمساعدة القانونية والمجلس النرويجي للاجئين وصدرت مؤخرا 2025، على منهجية تحليل الإطار التشريعي، بالتركيز على 5 أطر تشريعية بشكل أساسي، وهي قانون الأحداث لسنة 2014، وقانون التنمية الاجتماعية رقم 4 لسنة 2024، وقانون حقوق الطفل رقم 17 لسنة 2022، ونظام رعاية الطفولة منذ الولادة حتى سن الثامنة عشرة لسنة 1972، وتعليمات الاحتضان الصادرة في العام 2013.
كما اعتمدت الدراسة التي حصلت "الغد" على نسخة منها، على تحليل التطبيقات القضائية في محاكم الأحداث، وعلى المقابلات البحثية مع مجموعات الخبراء في وزارة التنمية الاجتماعية والقضاء، وعلى مجموعات التركيز مع عدد من الأسر الراعية البديلة.
ومن أهم نتائج الدراسة، أن قانون الأحداث لسنة 2014 لم "ينظم" المسائل المرتبطة بوضع الطفل تحت رعاية شخص أو أسرة بديلة، حيث تتم العودة إلى التشريعات الأخرى المعنية بتنظيم ذلك، وفي مقدمتها نظام رعاية الطفولة لسنة 1972، رغم أن قانون الأحداث النافذ قد يعد "التشريع الأساسي والمرجعية الأساسية" للتعامل مع حالات الأطفال المحرومين والأحداث بشكل خاص ومن هم بحاجة إلى الحماية والرعاية.
وشككت الدراسة" بمشروعية تعليمات الاحتضان لسنة 2013"، بسبب عدم وضوح السند القانوني لصدور نظام تعليمات الاحتضان لسنة 2013، والتي  صدرت بموجب المادة 3 من نظام رعاية الطفولة لسنة 1972، إلا أن المادة 3 في النظام لم تنص على إصدار مثل هذه التعليمات، بل تعلقت بواجبات ومهام الأسرة البديلة أو الحاضنة أو مؤسسة الرعاية.
كما أشارت الدراسة إلى أن نظام رعاية الطفولة لسنة 1972، لم يمنح الاختصاص لوزارة التنمية الاجتماعية بإصدار تعليمات الاحتضان، ما يجعل "العديد من الأحكام الواردة في كل من النظام أو التعليمات تتعارض مع قانون الأحداث وتحتاج إلى مراجعة للتوفيق بينها."
وركزت الدراسة على مفاهيم "الأسرة البديلة والحاضنة" والفروقات بينهما واختصاصات كل جهة رسمية بالتعامل مع هذين البرنامجين، ومدى توافقهما مع الأطر التشريعية، كما شخصت أبرز إشكاليات إجراءات الاحتضان، ومدته والخدمات المتاحة للأطفال، وأبرز التحديات مثل شرط الرضاعة لتوفير الحرمة الشرعية، وفتح الحسابات البنكية وحجة الوصاية والوثائق القانونية، ومسؤوليات الأسر الراعية البديلة والاشتراك في التأمين الصحي، فضلا عن إجازة الأمومة للأم الحاضنة والسفر خارج البلاد، إضافة إلى أوضاع الأطفال في حالة اللجوء من غير المصحوبين بوالدين.
وأكدت الدراسة ضرورة إصدار تشريع خاص بـ"الرعاية البديلة" للتفريق بين الرعاية البديلة وبين الاحتضان، إما بموجب نظام أو تعليمات صادرة بموجب قانون الأحداث، كما دعت إلى ضرورة مراجعة تعليمات الاحتضان.
واستندت الدراسة إلى ما خلصت له مجموعات التركيز الخاصة بالأسر الحاضنة، حيث يوجب النظام أن تتولى الأسرة البديلة أو الحاضنة القيام بالواجبات العادية للأسرة الطبيعية من حيث العناية بصحة وسلامة ورفاهية وتعليم الشخص الذي يضم إليها، ويكون لها الحق في الإشراف على الطفل كوالديه، وتتولى وزارة التنمية الاجتماعية الإشراف على الرعاية التي تقدمها الأسرة.
لكن في تعليمات الاحتضان، تتولى الأسرة الحاضنة مسؤوليات الرعاية الاجتماعية للطفل المحتضن الممثلة بالتنشئة الأسرية البديلة، بالإضافة إلى مهام أخرى واردة في المادة 11 من التعليمات، ما نتج عنه اختلاط المفهومين مع بعضهما دون تحديد خطوط واضحة، حيث إن التطبيق العملي أظهر اختلافا كليا بين المفهومين لدى الأسر.
وأشارت الأسرة الحاضنة، بحسب الدراسة، إلى أن المفهومين متقاربان، ما أظهر تحديات واجهت الأسر البديلة فيما بعد، حيث أعربت الأسر المشاركة أن أغلب الحالات التي تتقدم بطلب لرعاية طفل تكون موجهة قصدها إلى الرعاية الدائمة، لذا فإنها ترغب في احتضان طفل من فاقدي السند الأسري (غير معروف الوالدين)، لاعتبارات تتعلق بضعف احتمالية ظهور أسرته البيولوجية، وعلى هذا الأساس تتقدم بطلب الاحتضان، لكن العديد من هذه الأسر واجهت واقعا مختلفا حيث أكدت أسر مواجهتها في وقت لاحق من الاحتضان، وجود أسرة للطفل بحاجة إلى إثبات نسبه، أو أنها تمر بدعوى قضائية لإثباته دون إبلاغ الأسرة الحاضنة بهذه المعلومات مسبقا.
إجراءات الاحتضان
وفيما يتعلق بالتقدم لطلبات الاحتضان من الخارج، أكدت الدراسة بناء على المجموعات المركزة، بأن هناك غيابا لوجود أي نماذج خاصة بطلبات الاحتضان لدى السفارات الأردنية، مع وجود تباين في حجم المعلومات المتوفرة بشأن هذا الملف.
وفيما يتعلق بإجراءات الاحتضان، أشارت الدراسة إلى أن النصوص التشريعية لم تتضمن "مدة النظر في طلبات الاحتضان أو البت فيها"، إضافة إلى عدم الالتزام أحيانا بالمواصفات التي تطلبها الأسر الحاضنة في الأطفال.
وبينت الدراسة، أن هناك صلاحيات ممنوحة لوزارة التنمية الاجتماعية بما يتعارض مع قانون الأحداث، بما يتعلق بالتعامل مع هذه الفئة، حيث حصرها القانون بالقضاء، إلا أن نظام رعاية الطفولة لسنة 1972، منح الوزارة الاختصاص أو المحكمة بقرار دخول أو خروج الطفل من دار الرعاية.
الحرمة الشرعية للاحتضان
وبشأن تحقيق الحرمة الشرعية، أشارت الدراسة إلى أن الأمهات "الحاضنات" المشاركات في المجموعات المركزة، أبدين حرصهن على تحقيق الحرمة الشرعية سواء ضمن نظام الاحتضان أو الأسرة البديلة أو الدمج الأسري، وقد سردت العديد من الأمهات معاناتهن لتحقيق الحرمة الشرعية عن طريق الرضاعة، فبعضهن لجأن إلى الأقارب ومنهن من قامت بتناول الأدوية المدرة للحليب لتقوم بالرضاعة الطبيعية بنفسها، وقد أجمعن أنها كانت تجربة صعبة.
ولكن الدراسة بينت، بأن شرط توفير الحرمة الشرعية في حالات الاحتضان إلزامي، بينما لا يشترط ذلك في حالات الرعاية البديلة أو الدمج الأسري، وربما يعتبر هذا الشرط من أهم ما يميز البرنامجين عن بعضهما، حيث تنص المادة 4 من تعليمات الاحتضان على الحرمة الشرعية، ولكن قانون الأحداث وكذلك نظام رعاية الطفولة لم يتطرقا إلى هذه المسألة التي توثق من خلال المحكمة الشرعية.
وأفادت العديد من الأسر الحاضنة في مجموعات التركيز وفقا للدراسة، بأن تحديات عديدة واجهتهم في هذا الشأن، إذ لم تكن إجراءات الحصول على حجة الوصاية سهلة أو ميسرة، والسبب الرئيسي من وجهة نظرهم وحسب تجربتهم، يتعلق بالوضع الاستثنائي لعلاقة الأسرة بالطفل، حيث يتم التعامل معهم كطرف غريب لا تربطهم بالطفل علاقة قرابة تستدعي منحهم الوصاية القانونية، بالرغم من أن قانون الأحوال الشخصية لم يشترط وجود علاقة قرابة لتعيين الوصي، فالشروط فقط تتعلق بالأهلية والقدرة على القيام بشؤون الطفل، بالإضافة إلى شروط أخرى كشرط عدم المحكومية، وعدم وجود نزاع قضائي بين الوصي والطفل.
كما لا يمكن شمول الأفراد المحتضنين في دفتر العائلة، وإنما يسمح لهم باستصدار الوثائق الخاصة بالطفل، ويتم الاعتراف في أغلب الأحوال بقرار الاحتضان كوثيقة تعطي للأسرة الحق في رعاية الطفل واتخاذ القرارات الخاصة به.
وأوصت الدراسة بضرورة العمل على تطوير إجراءات الإشراف القضائي على قرارات الإحالة إلى أسرة بديلة أو حاضنة، ومن المهم أن يتم أخذ الحالات خارج المملكة بعين الاعتبار واعتماد آلية وإجراءات فعالة في الإشراف والمتابعة، وتبني عملية المتابعة على خطة واضحة تمكن القاضي من الاطلاع على تطورات حالة الطفل والأسرة وتساعده على اتخاذ القرارات المناسبة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق