loading ad...
ينيف كوفوفيتش
في الجيش الإسرائيلي يستعدون لتحويل مدينة رفح في جنوب القطاع والأحياء القريبة منها إلى جزء من المنطقة الفاصلة. المنطقة، التي تنحصر بين محور فيلادلفيا جنوب ممر موراغ، كانت تعتبر بيوتا لحوالي 200 ألف فلسطيني قبل الحرب. ولكن في الأسابيع الأخيرة هذا المكان أصبح فارغا من الناس بعد أن زرع الجيش الإسرائيلي هناك دمارا كبيرا. في الفترة الأخيرة بعد نهاية وقف اطلاق النار طلب الجيش من السكان المدنيين الذين ما زالوا يعيشون هناك إخلاء المنطقة والانتقال إلى المنطقة الإنسانية المحاذية لخط الشاطئ في خان يونس والمواصي.اضافة اعلان
حتى الآن امتنعوا في الجيش الإسرائيلي عن إدخال مدن كاملة وكبيرة مثل رفح إلى المنطقة الفاصلة، التي منذ بداية الحرب تم ترسيمها لتكون على طول الحدود مع إسرائيل. هذا الطلب، حسب مصادر في جهاز الأمن، طرح بسبب قرار المستوى السياسي استئناف الحرب في الشهر الماضي وعلى خلفية أقوال رئيس الحكومة بأن إسرائيل ستأخذ مناطق واسعة في القطاع. بمعنى ما يبدو أن هناك نية لاستنساخ ما حدث في الشمال في الجنوب.
هذا التوسيع للمنطقة الفاصلة يوجد له أكثر من معنى. فليس الأمر فقط يتعلق بمنطقة كبيرة، 75 كم مربع، تشكل خُمس مساحة القطاع تقريبا، بل عمليا فصلها يحول القطاع الى جيب داخل أراضي إسرائيل ويبعدها عن الحدود مع مصر. هذه النقطة توجد في خلفية اختيار رفح، حسب مصادر في جهاز الأمن. وحسب قولها فإنه من وراء هذه العملية تقف الرغبة في خلق أداة ضغط جديدة على حماس. في الجيش تبلور الفهم بأن إسرائيل لن تحصل على الدعم الدولي لعملية طويلة في القطاع، حتى من الولايات المتحدة، وأن تهديدات أعضاء الحكومة بشأن منع المساعدات الانسانية بقدر الإمكان لن تتم ترجمتها إلى سياسة فعلية. لذلك فإن الجيش الإسرائيلي يستعد لتركيز الحملة على المناطق التي يعتقد أنها ستشكل ضغطا على قيادة حماس. منطقة رفح أصبحت بفضل مساحتها وموقعها على الحدود مع مصر، منطقة جذابة بشكل خاص.
كجزء من استعدادات الجيش فانه يعمل الآن على توسيع محور موراغ من خلال تدمير المباني على طول هذا المحور. في مناطق معينة عرض هذا المحور سيكون بضع مئات من الأمتار وحتى ربما كيلومتر. حسب مصادر في جهاز الأمن تحدثت مع الصحيفة فإنه حتى الآن لم يتقرر اذا كان سيتم فقط الاحتفاظ بالمنطقة مدار الحديث كمنطقة فاصلة يحظر دخول السكان اليها (كما حدث في مناطق أخرى فاصلة)، أو أنه ستتم تسوية وتدمير جميع المباني، عمليا تدمير مدينة رفح.
أخطار زائدة
عند بداية الحرب في تشرين الأول 2023 أعلن الجيش الإسرائيلي عن نيته خلق قطاع فاصل على طول حدود قطاع غزة بحيث يبعد التهديد على بلدات الغلاف مسافة 800 متر– كيلومتر ونصف. الامر يتعلق بمنطقة مساحتها 60 كم مربع، أكثر من 16 في المائة من مساحة القطاع، التي كان يعيش فيها حتى 7 تشرين الأول تقريبا ربع مليون غزي. تقرير مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة الذي نشر في نيسان 2024 أظهر أنه في حينه حوالي 90 في المائة من المباني في المنطقة الفاصلة تم تدميرها أو تضررت.
لكن نشاطات الجيش الإسرائيلي الجديدة في المنطقة لا تقتصر فقط على المنطقة الموجودة بين محور موراغ ومحور فيلادلفيا. في الفترة الأخيرة بدأ الجنود باحتلال مواقع على طول المنطقة الفاصلة، كخطوة تمهيدية. "لم يعد يوجد ما يمكن تدميره في هذا الممر، المكان كله غير صالح لسكن الناس، ولا توجد حاجة الى ادخال عدد كبير من الجنود الى هذه المناطق"، قال للصحيفة قائد قاتل مدة 240 يوما تقريبا في القطاع وشارك في تدمير المباني وأعمال تعرية في هذا الممر وفي ممر نتساريم. هو وآخرون عبروا عن خيبة أملهم في أعقاب نية استئناف العملية في هذه المناطق.
ضباط وجنود في الاحتياط قالوا للصحيفة بأنهم في الجيش يكررون الرسائل التي قيلت في بداية الحرب دون النظر مباشرة الى الواقع. "لا يمكن التصديق بأن نعود الى نقطة البداية بعد سنة ونصف"، قال جندي في لواء احتياط يخدم في القطاع. "العودة لتدمير ما تم تدميره في السابق، بدون أن يعرف أي أحد كم من الوقت وما هو هدف العملية وأي إنجاز عملياتي مطلوب للقوات من اجل تنفيذ هذه المهمة".
اضافة الى عدم الثقة بالأهداف يتم أيضا طرح سؤال حول الأخطار الزائدة التي تكمن للجنود. "جميع البيوت في قطاع غزة يمكن أن تنهار"، قال الضابط. "نحن فقدنا الكثير من الجنود بسبب انهيار المباني. وقد تعين علينا لساعات إنقاذهم من تحت الأنقاض التي كانت تسمى ذات يوم مبنى. وحسب قوله فانه "اذا لم يدرك قادة الجيش الإسرائيلي بأن الجنود مستعدون للقتال، وليس الموت في حوادث عملياتية لا لزوم لها فعندها ستنتظرهم مفاجأة".
عندما يتحدث القادة والجنود عن حوادث عملياتية فان هناك اكثر من حادث يمكن اعتباره مثالا على ذلك. الحادث الأصعب كان في كانون الثاني 2024. ففي حينه قتل 21 جنديا من الاحتياط خلال تفجير مبان في المنطقة الفاصلة قرب محور كيسوفيم. الجنود في حينه قاموا بتفخيخ مبنى من طابقين على بعد 600 متر عن الجدار. ولكن صاروخا مضادا للدروع كما يبدو أطلق كما يبدو على البيت الذي كان يوجد فيه عشرات الجنود، خلافا لتعليمات الأمان والانضباط. مرت أكثر من سنة وفي الجيش حتى الآن لم ينشروا تقريرا عن هذا الحادث. ولكن كانت هناك حوادث أخرى أيضا. مثلا، الجنود الخمسة من دورية ناحل، الذين قتلوا في كانون الثاني الماضي في أعقاب انفجار مبنى كانوا يتواجدون فيه في بيت حانون. والجنديان اللذان قتلا في كانون الاول 2023 في انهيار مبنى في رفح.
منطقة حمراء ومنطقة خضراء
عند استئناف عملية التعرية والسيطرة على اجزاء من القطاع فانه يتوقع طرح قضية اخرى تتعلق بالخوف من المس بالمدنيين في غزة. "نحن لا نستيقظ في الصباح ونأتي مع جرافة دي 9 لتدمير أحياء"، قال للصحيفة أحد القادة الكبار الذين قادوا القتال في القطاع واضاف. "اذا كان يجب علينا التقدم الى مناطق معينة فنحن لن نعرض قواتنا للخطر بواسطة التفخيخ والعبوات".
قادة وجنود، الذين بعضهم قدموا شهادات مثل "نحطم الصمت"، يصفون المشهد في منطقة التوازن بين "لا نستيقظ في الصباح ونقوم بتدمير أحياء"، كما قال الضابط الكبير، وبين "نحن لن نعرض قواتنا للخطر". "إذا قمنا بتشخيص مشبوهين فنحن نطلق النار عليهم. نريد أن يتعلموا بأنه محظور عليهم الخروج (من البيت)"، قال جندي في المدرعات عمل في السابق في عملية تعرية المنطقة الفاصلة. "اذا كان يوجد مبنى يطل على الجدار ويمكن الإطلاق منه على فسيتم تدميره. جرافة دي 9 تسير وتهدم كل شيء أمامها، كل شيء. نحن انتهينا من ذلك وبحق، هذا هو. انتهينا من التفاهة ونحن لا نلعب". وحسب قوله فان الانطباع هناك هو أنه "لا يوجد مدنيون في المنطقة، جميعهم مقاتلون. لا يوجد أبرياء. لماذا يقترب على مسافة 500 متر من دبابتي".
من شهادات الضباط والجنود يتبين أن فرقة غزة أوجدت خريطة لمجال في المنطقة الفاصلة حسب الألوان. وهذه الخريطة كان يتم تحديثها بين حين وآخر. المناطق لونت باللون الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر (الأمر الذي يعني أن أكثر من 80 في المائة من المباني في هذا المجال تم تدميرها). خريطة الألوان شملت بيوتا، دفيئات، أكواخا ومصانع. "قم بتسميتها ما شئت"، قال أحد الجنود. عمليا، الخريطة ايضا حولت نشاطات هدم المباني الى منافسة بين القوات المقاتلة. كل قائد أراد الإظهار بأن منطقته خضراء اكثر. "فخر كبير"، قال مقاتل في لواء احتياط شارك في عملية تعرية المنطقة الفاصلة.
بشكل عام أوامر فتح النار يمكن أن تطرح مرة أخرى للنقاش على ضوء اللقاء المحتمل بين جنود ومواطنين لم يتركوا بيوتهم، أو مجرد ضلوا طريقهم. "لا يوجد اتفاق واضح على أوامر فتح النار في أي مرحلة"، قال للصحيفة ضابط في المدرعات قاتل مئات أيام الاحتياط في غزة. "أي حركة للأشخاص كانت مشبوهة، لأننا حددنا ذلك. أنت تجد شخصا له علاقة وتطلق النار عليه... التمييز (بين البنية التحتية المدنية والبنية الإرهابية) لا يهم. لا أحد يهتم. هذا الأمر صحيح ايضا في المنطقة الفاصلة. نحن قمنا بتحديد خط الحدود الذي كل من يقوم باجتيازه يعتبر مشبوها. ولكن من غير الواضح لي كم هو عدد الفلسطينيين الذين يعرفون عن هذا الخط. لا توجد علامات على الأرض وهو خط يبعد كيلومتر عن الحدود".
حسب قوله هذا كان نوعا من مؤشر غير رسمي. الرجال البالغون – يتم قتلهم. النساء والأطفال– يتم الإطلاق من أجل إبعادهم. واذا اقتربوا من الجدار فيتم اعتقالهم. لا يتم قتل النساء والأطفال والشيوخ. وقد أضاف بأنه على الأغلب من يدخلون الى هذه المنطقة الفاصلة هم من البالغين الذين يبدو أنهم "لا يعرفون أين يوجد خط القتل".
"هناك حدث أتذكره جيدا حتى بعد مرور أشهر طويلة". كما قال. "مرة تلو الأخرى تقدم الفلسطينيون من القوات، حتى بعد أن أطلقت النار عليهم للتحذير. في مرحلة معينة عرفوا ما يحدث، لكنهم كانوا جائعين ويبحثون عن أي نوع من الطعام. أحضروا أكياسا لجمع الحبوب، أعتقد. لقد تم تجريم الناس بسبب حمل الأكياس في أيديهم. إذا جاء وهو يحمل كيسا يتم تجريمه واعتباره مقاتلا". هكذا استمر إطلاق النار عليهم. "المهم هنا هو أن الجيش الإسرائيلي ينفذ في هذه المرحلة إرادة الجمهور التي تقول: لا يوجد أبرياء في غزة، نحن سنُريهم".
تشوش بأثر رجعي
رغم الفترة الكبيرة التي مرت، وصفقات التحرير وانهيارها والخطر الذي ثبت أنه قاتل بالنسبة للجنود والمخطوفين، في إحاطة قام بها منذ فترة قصيرة قائد دورية غولاني قبل الدخول إلى محور موراغ قال للجنود: "هدف العملية هو إعادة المخطوفين حتى لو أننا لم نصل إلى فتحة نفق أو مبنى يوجد فيه مخطوف... حتى الآن هكذا عاد المخطوفون. كل من تجدونه هو عدو. إذا لاحظتم أي أحد فيجب عليكم إطلاق النار وتدميره والتقدم إلى الأمام. يجب عدم التشوش في هذا السياق".
الضباط والجنود الذين تحدثت معهم "هآرتس" قالوا إنه في المرة السابقة التي قاتلوا فيها في مناطق تم تطهيرها وإخلاؤها وتسويتها، تبين بأثر رجعي قدر غير قليل من التشويش. "على الأقل بضع عشرات من البيوت التي دمرناها"، قال أحد الجنود. "تم تجريمها من قبل الجيش، لكن بعد ذلك وجدت فيها أغراضا لمخطوفين. من كان هنا ومتى وما هي الفترة؟، هذه أسئلة يبدو أنه لن تكون لها إجابة.
في الجيش الإسرائيلي يستعدون لتحويل مدينة رفح في جنوب القطاع والأحياء القريبة منها إلى جزء من المنطقة الفاصلة. المنطقة، التي تنحصر بين محور فيلادلفيا جنوب ممر موراغ، كانت تعتبر بيوتا لحوالي 200 ألف فلسطيني قبل الحرب. ولكن في الأسابيع الأخيرة هذا المكان أصبح فارغا من الناس بعد أن زرع الجيش الإسرائيلي هناك دمارا كبيرا. في الفترة الأخيرة بعد نهاية وقف اطلاق النار طلب الجيش من السكان المدنيين الذين ما زالوا يعيشون هناك إخلاء المنطقة والانتقال إلى المنطقة الإنسانية المحاذية لخط الشاطئ في خان يونس والمواصي.اضافة اعلان
حتى الآن امتنعوا في الجيش الإسرائيلي عن إدخال مدن كاملة وكبيرة مثل رفح إلى المنطقة الفاصلة، التي منذ بداية الحرب تم ترسيمها لتكون على طول الحدود مع إسرائيل. هذا الطلب، حسب مصادر في جهاز الأمن، طرح بسبب قرار المستوى السياسي استئناف الحرب في الشهر الماضي وعلى خلفية أقوال رئيس الحكومة بأن إسرائيل ستأخذ مناطق واسعة في القطاع. بمعنى ما يبدو أن هناك نية لاستنساخ ما حدث في الشمال في الجنوب.
هذا التوسيع للمنطقة الفاصلة يوجد له أكثر من معنى. فليس الأمر فقط يتعلق بمنطقة كبيرة، 75 كم مربع، تشكل خُمس مساحة القطاع تقريبا، بل عمليا فصلها يحول القطاع الى جيب داخل أراضي إسرائيل ويبعدها عن الحدود مع مصر. هذه النقطة توجد في خلفية اختيار رفح، حسب مصادر في جهاز الأمن. وحسب قولها فإنه من وراء هذه العملية تقف الرغبة في خلق أداة ضغط جديدة على حماس. في الجيش تبلور الفهم بأن إسرائيل لن تحصل على الدعم الدولي لعملية طويلة في القطاع، حتى من الولايات المتحدة، وأن تهديدات أعضاء الحكومة بشأن منع المساعدات الانسانية بقدر الإمكان لن تتم ترجمتها إلى سياسة فعلية. لذلك فإن الجيش الإسرائيلي يستعد لتركيز الحملة على المناطق التي يعتقد أنها ستشكل ضغطا على قيادة حماس. منطقة رفح أصبحت بفضل مساحتها وموقعها على الحدود مع مصر، منطقة جذابة بشكل خاص.
كجزء من استعدادات الجيش فانه يعمل الآن على توسيع محور موراغ من خلال تدمير المباني على طول هذا المحور. في مناطق معينة عرض هذا المحور سيكون بضع مئات من الأمتار وحتى ربما كيلومتر. حسب مصادر في جهاز الأمن تحدثت مع الصحيفة فإنه حتى الآن لم يتقرر اذا كان سيتم فقط الاحتفاظ بالمنطقة مدار الحديث كمنطقة فاصلة يحظر دخول السكان اليها (كما حدث في مناطق أخرى فاصلة)، أو أنه ستتم تسوية وتدمير جميع المباني، عمليا تدمير مدينة رفح.
أخطار زائدة
عند بداية الحرب في تشرين الأول 2023 أعلن الجيش الإسرائيلي عن نيته خلق قطاع فاصل على طول حدود قطاع غزة بحيث يبعد التهديد على بلدات الغلاف مسافة 800 متر– كيلومتر ونصف. الامر يتعلق بمنطقة مساحتها 60 كم مربع، أكثر من 16 في المائة من مساحة القطاع، التي كان يعيش فيها حتى 7 تشرين الأول تقريبا ربع مليون غزي. تقرير مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة الذي نشر في نيسان 2024 أظهر أنه في حينه حوالي 90 في المائة من المباني في المنطقة الفاصلة تم تدميرها أو تضررت.
لكن نشاطات الجيش الإسرائيلي الجديدة في المنطقة لا تقتصر فقط على المنطقة الموجودة بين محور موراغ ومحور فيلادلفيا. في الفترة الأخيرة بدأ الجنود باحتلال مواقع على طول المنطقة الفاصلة، كخطوة تمهيدية. "لم يعد يوجد ما يمكن تدميره في هذا الممر، المكان كله غير صالح لسكن الناس، ولا توجد حاجة الى ادخال عدد كبير من الجنود الى هذه المناطق"، قال للصحيفة قائد قاتل مدة 240 يوما تقريبا في القطاع وشارك في تدمير المباني وأعمال تعرية في هذا الممر وفي ممر نتساريم. هو وآخرون عبروا عن خيبة أملهم في أعقاب نية استئناف العملية في هذه المناطق.
ضباط وجنود في الاحتياط قالوا للصحيفة بأنهم في الجيش يكررون الرسائل التي قيلت في بداية الحرب دون النظر مباشرة الى الواقع. "لا يمكن التصديق بأن نعود الى نقطة البداية بعد سنة ونصف"، قال جندي في لواء احتياط يخدم في القطاع. "العودة لتدمير ما تم تدميره في السابق، بدون أن يعرف أي أحد كم من الوقت وما هو هدف العملية وأي إنجاز عملياتي مطلوب للقوات من اجل تنفيذ هذه المهمة".
اضافة الى عدم الثقة بالأهداف يتم أيضا طرح سؤال حول الأخطار الزائدة التي تكمن للجنود. "جميع البيوت في قطاع غزة يمكن أن تنهار"، قال الضابط. "نحن فقدنا الكثير من الجنود بسبب انهيار المباني. وقد تعين علينا لساعات إنقاذهم من تحت الأنقاض التي كانت تسمى ذات يوم مبنى. وحسب قوله فانه "اذا لم يدرك قادة الجيش الإسرائيلي بأن الجنود مستعدون للقتال، وليس الموت في حوادث عملياتية لا لزوم لها فعندها ستنتظرهم مفاجأة".
عندما يتحدث القادة والجنود عن حوادث عملياتية فان هناك اكثر من حادث يمكن اعتباره مثالا على ذلك. الحادث الأصعب كان في كانون الثاني 2024. ففي حينه قتل 21 جنديا من الاحتياط خلال تفجير مبان في المنطقة الفاصلة قرب محور كيسوفيم. الجنود في حينه قاموا بتفخيخ مبنى من طابقين على بعد 600 متر عن الجدار. ولكن صاروخا مضادا للدروع كما يبدو أطلق كما يبدو على البيت الذي كان يوجد فيه عشرات الجنود، خلافا لتعليمات الأمان والانضباط. مرت أكثر من سنة وفي الجيش حتى الآن لم ينشروا تقريرا عن هذا الحادث. ولكن كانت هناك حوادث أخرى أيضا. مثلا، الجنود الخمسة من دورية ناحل، الذين قتلوا في كانون الثاني الماضي في أعقاب انفجار مبنى كانوا يتواجدون فيه في بيت حانون. والجنديان اللذان قتلا في كانون الاول 2023 في انهيار مبنى في رفح.
منطقة حمراء ومنطقة خضراء
عند استئناف عملية التعرية والسيطرة على اجزاء من القطاع فانه يتوقع طرح قضية اخرى تتعلق بالخوف من المس بالمدنيين في غزة. "نحن لا نستيقظ في الصباح ونأتي مع جرافة دي 9 لتدمير أحياء"، قال للصحيفة أحد القادة الكبار الذين قادوا القتال في القطاع واضاف. "اذا كان يجب علينا التقدم الى مناطق معينة فنحن لن نعرض قواتنا للخطر بواسطة التفخيخ والعبوات".
قادة وجنود، الذين بعضهم قدموا شهادات مثل "نحطم الصمت"، يصفون المشهد في منطقة التوازن بين "لا نستيقظ في الصباح ونقوم بتدمير أحياء"، كما قال الضابط الكبير، وبين "نحن لن نعرض قواتنا للخطر". "إذا قمنا بتشخيص مشبوهين فنحن نطلق النار عليهم. نريد أن يتعلموا بأنه محظور عليهم الخروج (من البيت)"، قال جندي في المدرعات عمل في السابق في عملية تعرية المنطقة الفاصلة. "اذا كان يوجد مبنى يطل على الجدار ويمكن الإطلاق منه على فسيتم تدميره. جرافة دي 9 تسير وتهدم كل شيء أمامها، كل شيء. نحن انتهينا من ذلك وبحق، هذا هو. انتهينا من التفاهة ونحن لا نلعب". وحسب قوله فان الانطباع هناك هو أنه "لا يوجد مدنيون في المنطقة، جميعهم مقاتلون. لا يوجد أبرياء. لماذا يقترب على مسافة 500 متر من دبابتي".
من شهادات الضباط والجنود يتبين أن فرقة غزة أوجدت خريطة لمجال في المنطقة الفاصلة حسب الألوان. وهذه الخريطة كان يتم تحديثها بين حين وآخر. المناطق لونت باللون الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر (الأمر الذي يعني أن أكثر من 80 في المائة من المباني في هذا المجال تم تدميرها). خريطة الألوان شملت بيوتا، دفيئات، أكواخا ومصانع. "قم بتسميتها ما شئت"، قال أحد الجنود. عمليا، الخريطة ايضا حولت نشاطات هدم المباني الى منافسة بين القوات المقاتلة. كل قائد أراد الإظهار بأن منطقته خضراء اكثر. "فخر كبير"، قال مقاتل في لواء احتياط شارك في عملية تعرية المنطقة الفاصلة.
بشكل عام أوامر فتح النار يمكن أن تطرح مرة أخرى للنقاش على ضوء اللقاء المحتمل بين جنود ومواطنين لم يتركوا بيوتهم، أو مجرد ضلوا طريقهم. "لا يوجد اتفاق واضح على أوامر فتح النار في أي مرحلة"، قال للصحيفة ضابط في المدرعات قاتل مئات أيام الاحتياط في غزة. "أي حركة للأشخاص كانت مشبوهة، لأننا حددنا ذلك. أنت تجد شخصا له علاقة وتطلق النار عليه... التمييز (بين البنية التحتية المدنية والبنية الإرهابية) لا يهم. لا أحد يهتم. هذا الأمر صحيح ايضا في المنطقة الفاصلة. نحن قمنا بتحديد خط الحدود الذي كل من يقوم باجتيازه يعتبر مشبوها. ولكن من غير الواضح لي كم هو عدد الفلسطينيين الذين يعرفون عن هذا الخط. لا توجد علامات على الأرض وهو خط يبعد كيلومتر عن الحدود".
حسب قوله هذا كان نوعا من مؤشر غير رسمي. الرجال البالغون – يتم قتلهم. النساء والأطفال– يتم الإطلاق من أجل إبعادهم. واذا اقتربوا من الجدار فيتم اعتقالهم. لا يتم قتل النساء والأطفال والشيوخ. وقد أضاف بأنه على الأغلب من يدخلون الى هذه المنطقة الفاصلة هم من البالغين الذين يبدو أنهم "لا يعرفون أين يوجد خط القتل".
"هناك حدث أتذكره جيدا حتى بعد مرور أشهر طويلة". كما قال. "مرة تلو الأخرى تقدم الفلسطينيون من القوات، حتى بعد أن أطلقت النار عليهم للتحذير. في مرحلة معينة عرفوا ما يحدث، لكنهم كانوا جائعين ويبحثون عن أي نوع من الطعام. أحضروا أكياسا لجمع الحبوب، أعتقد. لقد تم تجريم الناس بسبب حمل الأكياس في أيديهم. إذا جاء وهو يحمل كيسا يتم تجريمه واعتباره مقاتلا". هكذا استمر إطلاق النار عليهم. "المهم هنا هو أن الجيش الإسرائيلي ينفذ في هذه المرحلة إرادة الجمهور التي تقول: لا يوجد أبرياء في غزة، نحن سنُريهم".
تشوش بأثر رجعي
رغم الفترة الكبيرة التي مرت، وصفقات التحرير وانهيارها والخطر الذي ثبت أنه قاتل بالنسبة للجنود والمخطوفين، في إحاطة قام بها منذ فترة قصيرة قائد دورية غولاني قبل الدخول إلى محور موراغ قال للجنود: "هدف العملية هو إعادة المخطوفين حتى لو أننا لم نصل إلى فتحة نفق أو مبنى يوجد فيه مخطوف... حتى الآن هكذا عاد المخطوفون. كل من تجدونه هو عدو. إذا لاحظتم أي أحد فيجب عليكم إطلاق النار وتدميره والتقدم إلى الأمام. يجب عدم التشوش في هذا السياق".
الضباط والجنود الذين تحدثت معهم "هآرتس" قالوا إنه في المرة السابقة التي قاتلوا فيها في مناطق تم تطهيرها وإخلاؤها وتسويتها، تبين بأثر رجعي قدر غير قليل من التشويش. "على الأقل بضع عشرات من البيوت التي دمرناها"، قال أحد الجنود. "تم تجريمها من قبل الجيش، لكن بعد ذلك وجدت فيها أغراضا لمخطوفين. من كان هنا ومتى وما هي الفترة؟، هذه أسئلة يبدو أنه لن تكون لها إجابة.
0 تعليق