في الوقت الذي تمضي فيه مملكة البحرين بخطى واثقة وحثيثة نحو التحول الرقمي الشامل، تبرز البطاقة السكانية الجديدة كأحد الملامح البارزة لهذه المرحلة الطموحة، وكواحدة من أبرز إنجازات الدولة في مواكبة التطور التقني الحديث، إنها بطاقة متعددة الاستخدامات، أنيقة في تصميمها، ذكية في وظائفها، وتمثل ترجمة حقيقية لرؤية المملكة، ومؤشر على وعي حكومي حقيقي بأهمية تسهيل المعاملات ورفع كفاءة الأداء المؤسسي.
إن هذه الخطوة المتقدمة في البطاقات الذكية، كما كل مشروع تطويري، تحتاج إلى جاهزية موازية في التنفيذ، ومتابعة ميدانية.
حيث إن الواقع، في بعض تفاصيله الصغيرة، ما زال يُظهر بعض الملاحظات التي تستحق الالتفات اليها، تجربة شخصية عابرة دفعتني للتأمل في هذه الفجوة بين الطموح والتنفيذ، كنت أقف أمام أحد أجهزة صرف أكياس النفايات التابعة للبلدية، أحمل بطاقتي الجديدة، لكن المفاجأة أن الجهاز لم يتعرف عليها، ولحسن الحظ وبسرعة، كنت أحتفظ بالبطاقة القديمة التي أنقذت الموقف، غير ان ما حفر في ذهني هو موقف ذلك الرجل المسن الذي تخلص من بطاقته القديمة بكل ثقة بعد استلامه البطاقة الجديدة، فلم يجد وسيلة أخرى لصرف ما يحتاجه.
ولا يقف الأمر عند كبار السن وحدهم، بل يمتد ليشمل ذوي الاحتياجات الخاصة، والنساء والذين يحتاجون الى خدمات سلسة تحترم وقتهم وظروفهم، إنها شريحة واسعة من المجتمع بحاجة أن نراها في عين القرار التقني.
ذلك المشهد لم يكن استثناءً، بل هو صورة متكررة، فما أن طرحت القصة على بعض الأصدقاء حتى انهالت علي تجارب مشابهة، تشير إلى أن البطاقات الحديثة لم تُفعّل بعد بالشكل الكامل في بعض نقاط الخدمة.
إن التحوّل الرقمي الناجح يُقاس بمدى سلاسة استخدامها، ومدى رضا المواطن عنها في تفاصيل حياته اليومية، من هذا المنطلق، أقترح وبكل محبة وحرص أن تتخذ الجهات المعنية الإجراءات التالية:- تحديث جميع الأجهزة الخدمية لتدعم البطاقة الجديدة بشكل عاجل.- توفير موظف ميداني أو دعم مباشر في المواقع التي تشهد إقبالًا من المواطنين.- وضع لوحة إرشادية واضحة عند كل جهاز، توضّح ما يجب فعله في حال عدم قبول البطاقة.- توفير قناة تواصل سريعة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، لتوصيل الخدمة لهم أو ترتيب حضورهم في وقت ميسر.- نشر تنويهات رسمية في مراكز الخدمة والمواقع الإلكترونية تحث المواطنين على الاحتفاظ بالبطاقة القديمة مؤقتًا.- إجراء مراجعة دورية لتجربة المستخدم بناءً على ملاحظات المواطنين.- إن ما تحقق حتى الآن يستحق الإشادة، وعليه نتمنى أن يشعر المواطن أن هذه البطاقة الذكية صنعت فعلًا لأجله، وأن التحول الرقمي تجربة يومية يشعر بها الناس.
نحن نثق بأن مؤسسات الدولة تستجيب دائمًا لصوت المواطن، وعليه فإن التقنية يجب أن تراعي الإنسان، فلنُنجح معًا هذه النقلة الحضارية، ولتكن التكنولوجيا جسرًا للراحة، ولتبقَ البحرين نموذجًا حيًا في التحوّل الذكي، والمتزن، المتكامل، الإنساني.
* اعلامية وباحثة اكاديمية
0 تعليق