منتدى العائلات الثكلى

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

 شيرين فلاح صعب ونير حسون

 دوائر الثكل الاسرائيلية والفلسطينية هي دوائر منفصلة، تقريبا لا تلتقي. كل مجتمع غارق في الألم ويريد أن يسجل حصريا على اسمه، ويتهم المجتمع الآخر بكارثته. في السنة والنصف الاخيرة توسع الدوائر بشكل كبير وانضم اليها عشرات آلاف القتلى الفلسطينيين والاسرائيليين. العداء المتبادل، العنف ومشاعر الثأر، توسعت مع دوائر الثكل وسيطرت على قلوب الجميع – من النهر وحتى البحر.اضافة اعلان
 منظمة منتدى العائلات الثكلى الاسرائيلية – الفلسطينية ومنظمة محاربون من اجل السلام، تحاول السير ضد التيار وتصمم على التقاء الضحايا من الطرفين. مساء اليوم سيعقد اللقاء العشرين لمنتدى محاربون من اجل السلام. مكان الحدث بقي سريا لمنع التنكيل. رغم العنف المتصاعد وربما بسببه فان عشرات الاسرائيليين والفلسطينيين قرروا الانضمام بالذات في هذه السنة الى منتدى العائلات الثكلى. البعض منهم ثكالى جدد، من 7 اكتوبر فصاعدا، ومنهم من فقدوا العشرات من ابناء عائلاتهم في غزة، آباء جنود قتلوا أو عائلات اشخاص قتلوا. آخرون هم ثكالى قدامى، الذين ازاء الواقع الدموي قرروا السير ضد التيار والانضمام الى المنتدى.
 ف.، وهي من مواليد غزة وتعيش في الضفة، انضمت لحركة المحاربين من اجل السلام قبل الحرب بسنوات. والدتها أيدت قرارها. وقد قالت لي "هذه هي الطريقة الصحيحة، في هذه الاثناء فقط قلائل يؤمنون بطريق السلام، لكن بعد بضع سنوات سيعرفون أنني محقة". عند اندلاع الحرب اضطرت والدتها الى ترك بيتها والانتقال الى مخيم مهجرين في مدرسة. في محادثة قالت لي: قولي للاسرائيليين بأن يوقفوا القصف، وأن يطلقوا النار علينا ولينته الامر، لأنه في القصف يصبح الناس اشلاء وجثث ممزقة"، قالت. في تشرين الاول الماضي تحدثت مع والدتها للمرة الاخيرة. "قالت إنها تعبت من الوضع ومن الهجرة وعدم الخصوصية ونقص الغذاء والمياه. بكت كثيرا في هذه المحادثة، الامر الذي اغضبني جدا. هي كانت تتألم نفسيا وعانت بسبب الموت الموجود حولها. وقد قالت لي ببساطة" أريد أن ينتهي ذلك. بعد بضع ساعات اطلقت النار عليها على يد قناص وتوفيت عندما خرجت من محيط المدرسة".
 رغم الألم، وربما بسببه، ف. لم تتوقف عن نشاطها في حركة السلام. "الفلسطينيون والاسرائيليون سيعيشون معا"، قالت واضافت. "لا احد منهم سيختفي. هذا يجب استيعابه وفهم، وتعلم العيش معا. كل ما نطلبه هو حقوقنا كفلسطينيين، وحرية العيش بدون حواجز وخوف. من ناحيتي المحاربون من اجل السلام هو بيتي الثاني، مثل والدي. حضوري مهم، بالتحديد بسبب الحرب.هذه هي منصتي للتحدث عن معاناة الفلسطينيين في غزة. الناس الأعزاء علي، اولاد اخوتي واخواتي، جميعهم في غزة، وأنا اخاف أن يحدث لهم أي شيء. أنا اتحدث واعمل من اجلهم. هذا وضع معقد. والدتي قتلها الاسرائيليون، ومن يقومون بتعزيتي بموتها هم ايضا الاسرائيليون الذين اعتذروا عن ذلك. هذا يظهر أنه ليس الجميع نفس الشيء، وليس الجميع يؤيدون القتل والحرب".
 ليئورا ايالون، من سكان كيبوتس كفار عزة، ثكلت في 7 اكتوبر ابنها طال، قائد سرية الطوارئ في الكيبوتس. هي وأبناء عائلتها الآخرين تمكنوا من النجاة بعد 35 ساعة من تواجدهم في الغرفة الآمنة. "أنا كنت ناشطة سلام قبل 7 اكتوبر وما زلت حتى الآن"، قالت. بعد وفاة ابنها انضمت لمنتدى العائلات الثكلى بدون أي تردد، ومنذ ذلك الحين شعرت على جلدها عداء الحكومة للمنتدى.
  "أنا جئت للتحدث مع طلاب في القدس. في اوساط الجمهور جلس مراقبان من وزارة التعليم وسجلا كل اقوالي، من اجل الاثبات بأننا جمعية مناوئة لاسرائيل. ابني قتل في معركة الدفاع عن كفار عزة، نحن بقينا 35 ساعة في الغرفة الآمنة، وهم يسجلون كل كلمة نقولها كي يثبتوا أنني مناوئة لاسرائيل. شعرت بالملاحقة. الطلاب سألوا وأنا شعرت بأنني أزن اقوالي لأن المراقبين قاما بتسجيل كل كلمة". قالت ايالون. اثناء خروجها من المحاضرة تقدم منها اعضاء وزارة التعليم وطلبوا رقم بطاقة هويتها. هي رفضت. بعد اسبوع مرة اخرى ظهروا في محاضرتها في مدرسة في تل ابيب.
 في السنة الاخيرة عملت وزارة التعليم بكل الطرق لمنع نشاطات المنتدى في المدارس. "المنتدى يناقض الافتراض بأنه لا يوجد مع من نتحدث. هاكم، يوجد مع من نتحدث. وهذا يخيف ويثير صعوبة كبيرة جدا"، قالت ايالون. "كلمة سلام اصبحت غير شرعية في جهاز التعليم. أنا اعترف بأنني استغل امتيازاتي كأم ثكلى كي اقول امور لا يتجرأون على قولها".
خلود، من سكان جنين، انضمت الى المنتدى قبل ثلاث سنوات، بعد بضعة اشهر على قتل ابنها بنار جنود الجيش الاسرائيلي. "في محيطي تفاجأوا من هذه الخطوة"، قالت. "تم سؤالي لماذا فعلت ذلك، وكيف توجد لي الجرأة. ليس الجميع يوافقون على انضمامي بتفهم. ايضا في المرة الاولى التي التقيت فيها مع اسرائيليين وفلسطينيين تكلمت بصوت عال عن ألمي وقلت: في اسرائيل يوجد للكلب حرية حركة وهو يعيش افضل منا. كان لي اربعة اولاد، الآن لدي اثنان، واحد قتل والآخر معتقل. ولكن رغم كل ذلك فأنا ضد الحرب وضد القتل، وأرى أن الطريق الصحيحة هي الحوار والتفاهم مع الاسرائيليين. لا توجد طريق اخرى"، قالت بصوت مخنوق بالبكاء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق