هل تدفع سياسة «الفيدرالي» لرفع الفائدة؟

مصدرك 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جيمي ماكغيفر*

يبدو أن نهاية دورة تخفيض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) باتت وشيكة، ولم يعد بالإمكان استبعاد التحول الكامل نحو رفع أسعار الفائدة في العام المقبل.
خفض الفيدرالي معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 25 نقطة أساس يوم الأربعاء الماضي إلى نطاق مستهدف بين 4.25% و4.50%، كما كان متوقعاً. لكن إذا كان هناك شيء يمكن وصفه بأنه «خفض متشدد»، فهذا هو.
جاء رد فعل السوق سريعاً وقوياً، إذ ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له في عامين، وتراجعت الأسهم، وارتفعت عوائد سندات الخزانة. قد تبالغ الأسواق أحياناً في ردود أفعالها في مثل هذه الأيام، لكن هناك الكثير مما يدعم هذه التحركات، سواء من حيث بيان الفيدرالي، أو توقعاته المعدلة، أو تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول في المؤتمر الصحفي.
أولاً: لم يكن القرار بالإجماع، حيث اعترضت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، بيث هاماك، على القرار. كما وصف باول خفض 25 نقطة أساس بأنه كان «قراراً صعباً» مقارنة بالقرارات الأخيرة. وأشار إلى أن السياسة النقدية أصبحت الآن «أقل تقييداً بشكل كبير» و«أقرب بكثير إلى الحياد».
إضافة إلى ذلك، رفع صناع السياسة النقدية توقعاتهم المتوسطة للتضخم لعام 2025 إلى 2.5% من 2.1%، ورفعوا مرة أخرى تقديرهم لسعر الفائدة المحايد الطويل الأجل إلى أعلى مستوى له في ست سنوات عند 3.0%، وقللوا عدد تخفيضات الفائدة المتوقعة في العام المقبل إلى اثنين فقط.
رغم أن توقعات الفيدرالي لا تزال تشير إلى تخفيضات بمقدار 50 نقطة أساس في العام المقبل و100 نقطة أساس بحلول نهاية 2026، فإن أسواق أسعار الفائدة ترفض هذا التوجه. الآن، تسعر الأسواق تخفيضات بمقدار 35 نقطة أساس فقط في العام المقبل، وهذا هو كل شيء. باختصار، السوق تتحدى تصريحات الفيدرالي.
ويرجع ذلك في الغالب إلى المنطق الغامض وراء توقعات الفيدرالي لعام 2025: صناع السياسة يتوقعون تضخماً أعلى بكثير مما كانوا يعتقدون سابقاً، ومع ذلك ما زالوا يخططون لخفض أسعار الفائدة. إنها معادلة يصعب التوفيق بينها، كما اكتشف باول خلال المؤتمر الصحفي.
ربما تكون هذه الخطوة أكثر منطقية وأقل إرباكاً للأسواق إذا كان النمو والتوظيف في حالة انهيار. لكن هذا ليس هو الحال، حيث لم تتغير توقعات الفيدرالي كثيراً للنشاط الاقتصادي وسوق العمل، مع توقع استمرار قوتهما حتى عام 2026.
وبعد عام واحد فقط من التحول «الحمائمي» لباول، قد تفكر الأسواق الآن في احتمال حدوث تحول في الاتجاه المعاكس.
وكان تورستن سلوق، كبير الاقتصاديين في إدارة أبولو العالمية، من أوائل من طرحوا فكرة أن أسعار الفائدة قد ترتفع بالفعل في العام المقبل. وقال بعد الاجتماع: «أعتقد أن هناك احتمالاً بنسبة 40% بأن يقوم الفيدرالي برفع الفائدة في 2025». وهذا التوقع ليس بعيداً عن الواقع، بالنظر إلى أن الأسواق تتوقع الآن أن يبدأ الفيدرالي فترة توقف طويلة في اجتماعه القادم، قد تستمر حتى عام 2025. التخفيض التالي بمقدار ربع نقطة ليس مسعراً بالكامل حتى سبتمبر.
بالطبع، قد يحدث الكثير في غضون تسعة أشهر، لا سيما مع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير. وإذا تم تنفيذ سياسات ترامب التجارية المقترحة والتعريفات الجمركية، فقد ترتفع معدلات التضخم، ما يعقّد مهمة الفيدرالي أكثر.
ويرى الاقتصادي فيل سوتل أن هذا قد يضطر الفيدرالي إلى تغيير سياسته. وقال: «رأيي لا يزال أن الخطوة التالية من الفيدرالي ستكون رفعاً للفائدة في يوليو، بعد ارتفاع التضخم الناتج عن التعريفات في الربع الثاني».
صحيح أن الأسواق المالية لا تسعر بشكل صريح تحولاً في سياسة الفيدرالي نحو الرفع، كما أن باول استبعد هذا الاحتمال في تصريحاته يوم الأربعاء. لكن ارتفاع الدولار بنسبة 8% منذ أول خفض للفائدة في سبتمبر، وزيادة عوائد سندات الخزانة بمقدار 80 نقطة أساس، يشير إلى أن بعض القطاعات في النظام المالي تتوقع بالفعل سياسة نقدية أكثر تشدداً.

*محلل اقتصادي (رويترز)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق