نظراً لأهمية ومكانة البحرين الجغرافية والسياسية والاقتصادية، شهد إقليم البحرين في العصر الأموي اهتماماً كبيراً من الدولة، ومع اعتماد الدولة سياسة إدارية جديدة، إذ استحدثت إمارة العراق والمشرق، وألحقت بها البحرين، وكان مقرها البصرة، وكان من أوائل الأمراء زياد بن أبي سفيان، ومن بعده عبيدالله بن زياد، اللذان اهتما بالبحرين، حيث عينا عدداً من الولاة والعمال الذين لعبوا أدواراً مهمة في تحقيق الاستقرار وتعزيز نفوذ الدولة وسلطتها. ممّا يدل على أهمية البحرين في الاستراتيجية الأموية، وبعد نجاح الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان من مجابهة التحديات الداخلية والانتصار على الحركات المعارضة ونجاحه في استعادة السيطرة والنفوذ على أغلب أقاليم الدولة ومنها البحرين، بادر بتعيين ولاة وعمال من أهل البحرين أشهرهم الأشعث بن عبدالله بن الجارود العبدي، واستمرت سياسة الخلفاء الأمويين بالاهتمام والحرص على أمن واستقرار البحرين من خلال اختيارهم ولاة وعمال متميّزين نذكر منهم عمر بن عبيد الله الثقفي وسنان بن سلمة، وقطن بن زياد الربيع، الذي استمر في ولاية البحرين خلال حكم الوليد بن عبد الملك.
ومع انتقال الحكم إلى سليمان بن عبد الملك، تم تعيين يزيد بن المهلب وهو من الشخصيات الإدارية والاجتماعية الكبيرة، والذي ينحدر من القبائل العربية المنتشرة في الخليج العربي والياً على العراق والمشرق والبحرين، ممّا يدل على استمرارية تركيز الدولة على البحرين كمنطقة استراتيجية. وفي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز شهدت البحرين اهتماماً ملحوظاً يعكس التطور العمراني والحضاري حيث ترجع الروايات التاريخية إلى عهده بناء مسجد الخميس وهو معلم تاريخي بارز موجود على أرض مملكة البحرين اليوم باعتباره من أقدم المساجد في العالم العربي، وقد انفرد هذا المعلم الإسلامي بمنارتيه التوأمتين؛ ممّا جعله لافتاً لأنظار العابرين. وشهد المسجد توسعة وتجديد في القرون اللاحقة ليستمر منارةً علميةً ودينيةً ذات قيمة ثقافية متميّزة وشاهداً عمرانياً على تميّز البحرين حضارياً في الخليج العربيّ والبلاد العربيّة.
من جهة أخرى شهد إقليم البحرين تطورات ثقافية وأدبية. من أبرز الشخصيات الأدبية في تلك الحقبة الشاعر الفرزدق، الذي وُلِد في كاظمة وارتبط بشعر المدح والفخر والهجاء. وقد عُرف بتنافسيته مع الشاعر جرير، مما أضفى طابعاً ثقافياً على تلك الفترة.
ختاماً، تبرز الأحداث التاريخية في البحرين خلال العصر الأموي كيف أصبحت هذه المنطقة مركزاً إدارياً وحضارياً مهماً، حيث أسهمت السياسات الحكيمة للخلفاء والولاة في تعزيز استقرارها وازدهارها. ومما يؤكد ذلك التراث المعماري والثقافي الذي تركه ذلك العصر، والذي لا يزال يشكل جزءاً حيوياً من هوية البحرين الحديثة.
0 تعليق