هناك تحليلات وتقارير عسكرية عديدة تؤكد أن العوامل الرئيسية التي تحدد مستقبل توجه صناعة السلاح والأنظمة الدفاعية لأي دولة في العالم سيختلف اختلافاً كلياً مع حلول عام 2030 حيث ستعتمد واجهة الصناعات العسكرية والأنظمة الدفاعية على التقنيات التكنولوجية المتطورة وتحديداً التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج فاستخدام التكنولوجيا العسكرية الحديثة هو من يحدد قوة الدولة وقدراتها الدفاعية وأداء المهمات العسكرية بكل احترافية؛ مما يشير هنا إلى أن المستقبل العسكري يتجه نحو قدرات الدولة على التصنيع الحربي عن طريق التكنولوجيا وتوطين الصناعات العسكرية بالأخص التقنية والرقمية وترسيخ ثقافة الابتكار ودعم الكوادر الوطنية المبدعة.
في تقرير لمؤسسة راند للأبحاث والتطوير الامريكية، والتي تعرف بأنها العقل المفكر لوزارة الدفاع الأمريكية يستعرض ورقتي عمل طرحتا في يناير 2024 بعنوان "القيادة والسيطرة في المستقبل" تسلط الضوء على موضوع تأثير التكنولوجيا والرقمنة وأن الاتصالات التكنولوجية تحظى بدور محوري داخل أنظمة القيادة والسيطرة العسكرية مدفوعة باتجاهات التغير التكنولوجي وتسارع وتيرة الابتكار، إذ يتميز الابتكار التكنولوجي بطبيعته المنتشرة والمتعولمة، وتوقعت الدراسة تزايد التركيز على التكنولوجيات المدنية وذات الاستخدام المزدوج، وفي تقرير متداول صادر عن معهد الدراسات الدفاعية والاستراتيجية التابع لمدرسة راجاراتنام للدراسات الدولية في جامعة نانيانج التكنولوجية في سنغافورة تحت عنوان صناعة السلاح في العالم عام 2030 وما بعده تتوقع الأستاذ المساعد في قسم شؤون الأمن القومي بكلية الحرب الأمريكية كاثلين والش أن تسيطر التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج بحلول عام 2030 مما سيؤثر على طبيعة الحرب.
وإذا ما جئنا إلى منظومتنا العسكرية في مملكة البحرين نرى أن الاستراتيجيات العسكرية والدفاعية تتجه ذات الاتجاه العالمي هذا ففي 3 يوليو 2022 صدر أمر ملكي بإنشاء المؤسسة العسكرية لتطوير التصنيع الحربي في قوة دفاع البحرين حيث تهدف هذه المؤسسة لتأسيس وتنظيم النشاطات الخاصة بالتصنيع الحربي بما يشمل القيام بتصميم وتطوير وتعديل الأنظمة الدفاعية والأمنية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، كما بين المرسوم أن هذه المؤسسة العسكرية تهدف كذلك إلى إنشاء المصانع الخاصة بالأسلحة والذخائر والعتاد الحربي وتصنيع التقنيات الحديثة والاتجار فيها.
ولعلنا نفخر ونحن نقول إن الإرادة الملكية السامية والفكر المستنير لجلالة الملك حفظه الله ورعاه في انطلاقة التصنيع الحربي في مملكة البحرين وفق مظلة هذه المؤسسة التي تتبع قوة دفاع البحرين وتجسد إحدى استراتيجيتها في تطوير التصنيع الحربي والاستثمار في مجال البحوث العسكرية والاستعانة بالكفاءات البشرية التي سخرتها قوة دفاع البحرين، والتي تؤكد على امكانياتها في عملية البحث والتخطيط والتنفيذ إلى جانب تنمية الكوادر الوطنية المؤهلة، فقد أكد معالي المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين خلال حديث صحافي سابق مع رؤساء تحرير الصحف المحلية أن أهم معالم التخطيط الاستراتيجي بقوة الدفاع الاستثمار في العنصر البشري من خلال بناء وتطوير الكوادر الوطنية المؤهلة والنهوض والرقي بها علمياً لقيادة وتنفيذ عملية التصنيع الحربي مما يعني الرؤية الطموحة لدى معاليه في دعم توطين التصنيع الحربي والابتكار العسكري وتشجيع العقول والكفاءات البحرينية على الانخراط في هذا التوجه العالمي وتأسيس أنظمة دفاعية متطورة تعتمد على التقنيات التكنولوجية الحديثة مما يساهم في دعم رؤية البحرين 2030 ولكي تكون هذه المؤسسة مستقبلا قصة نجاح تعكس حرص جلالة الملك حفظه الله ورعاه والقائد العام لقوة دفاع البحرين على توطين صناعاتنا الدفاعية والحربية وتمكين الخبرات البحرينية القادرة على التصنيع والابتكار الحربي وخلق التنافسية والدخول إلى هذا التوجه العالمي كرقم بحريني صعب يفرض نفسه في هذه الساحة.
ولعلنا نستحضر هذه الإنجازات المضيئة والخطوات المشرقة التي تبشرنا بأن قادة الأنظمة الدفاعية والعسكرية لدينا في مملكة البحرين ينتهجون منهجية الحفاظ على سيادتنا وأمننا وتطوير قدراتنا الدفاعية تزامناً مع الذكرى السابعة والخمسين على تأسيس صرحنا الدفاعي الشامخ قوة دفاع البحرين حيث كلنا أمل أن تتطور هذه المؤسسة لتكون معلماً من معالم الصناعات الحربية الرائدة في المنطقة.
0 تعليق