التنين الصيني يزأر.. هل يفقد الغرب هيمنته على الذكاء الاصطناعي؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يشهد عالم الذكاء الاصطناعي سباقاً محموماً أشبه بمعركة طاحنة على عرش المستقبل. فبعد أن كانت شركات أمريكية عملاقة، وعلى رأسها أوبن إيه آي "OpenAI"، تتحكم في زمام اللعبة، خرجت الصين بمفاجأة مدوية تمثلت في إطلاق نموذجها الجديد "ديبسيك آر1 "DeepSeek R1"، الذي أربك حسابات القوى بفضل أدائه المتميز وتكلفته المنخفضة. وقد أثارت هذه الخطوة السريعة موجة قلق في الأوساط الغربية، حيث بات الحديث يدور حول احتمالات فقدان الولايات المتحدة ريادتها في هذه التقنية الحيوية.

لم يقتصر تأثير "ديبسيك آر1" على نطاق المختبرات وخوارزميات التعلم العميق فحسب، بل امتدّ إلى أسواق المال أيضاً. فمع إطلاقه، شهد قطاع التكنولوجيا الأمريكي تراجعاً ملحوظاً في أسهمه، إذ أعاد المستثمرون تقييم رهاناتهم خشية صعود التقنيات الصينية منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة. وعلى سبيل المثال، انخفضت أسهم شركة إنفيديا "Nvidia" بنسبة تقارب 17%، مسجّلةً أسوأ أداء يومي منذ مارس 2020. وعلى الرغم من التقدم التقني للشركات الأمريكية، فإن الأداء اللافت لهذا الوافد الجديد دفع الكثيرين إلى مراجعة توجهاتهم الاستثمارية.

ولعل التأثير الأكثر وضوحاً تمثّل في تراجع شعبية النماذج الأمريكية لدى المستخدمين في مختلف أنحاء العالم. فوفقًا لتقارير حديثة، تمكن تطبيق ديبسيك من تحقيق عدد تنزيلات تجاوز ما حققه شات جي بي تي "ChatGPT" في فترة زمنية قصيرة، الأمر الذي يشير إلى أن المستخدم بات يبحث عن بدائل مفتوحة المصدر وأقل تكلفة، بعيداً عن قيود الاشتراكات المدفوعة التي تتبناها بعض الشركات الغربية.

من جانبهم، لم يُخفِ روّاد صناعة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة قلقهم إزاء هذا الصعود الصيني المفاجئ. فقد خرج سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لأوبن إيه آي، بتصريح نادر أشاد فيه بكفاءة "ديبسيك آر1"، واصفاً إياه بأنه "مثير للإعجاب مقارنة بتكلفته المنخفضة". وأشار إلى أن المنافسة مع لاعب جديد تدفع عجلة الابتكار إلى الأمام، مؤكداً أن شركته ستعلن قريباً عن نماذج أقوى لمواجهة التحدي الصيني.

ويبدو أن هذا التطور سيُسَرِّع وتيرة السباق نحو ريادة الذكاء الاصطناعي، إذ ستحتاج الشركات الكبرى إلى إثبات جدارتها من خلال طرح نماذج أكثر ابتكاراً، وتقديم خدمات بأسعار تنافسية تُلبي احتياجات المستخدمين. وفي ظل هذا التنافس الحاد، سيستفيد الأفراد حول العالم من تقنيات أكثر تطوراً وبأسعار معقولة، ما يفتح الباب واسعاً أمام ابتكارات لا حدود لها.

في المحصلة، تبدو الصين وقد أربكت المشهد التقني بشكلٍ جِدّي، تاركةً العالم في ترقّب لمعرفة ما إذا كان هذا الارتباك مجرّد موجة عابرة أم تحوّلاً استراتيجياً طويل الأمد. وفي كل الأحوال، يفتح هذا التطوّر الباب أمام دول أخرى قد تستلهم منه جرأةً وثقةً أكبر لخوض غمار التنافس، ما قد يؤدي إلى توسّع مشهد الابتكار وتقوية الزخم العالمي في حقل الذكاء الاصطناعي. ونأمل أن تكون دولنا العربية أحد المنافسين الطموحين في هذا المجال مستقبلاً.

* خبير تقني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق