فبراير 19, 2025 5:16 م
كاتب المقال : حازم عياد

الكيان الاسرائيلي يحكم سيطرته على غور الاردن بمحاصرة التجمعات البدوية، والسيطرة على مصادر المياه والمراعي، الى جانب مصادرة ما يقارب 27 كم مربع من الاراضي، وإقامة وتعزيز السياح الحدودي؛ عبر الدفع بفرقة كاملة الى الأغوار بحجة حماية الأمن ومنع التهريب، محولًا أراضي الغور الى منطقة عمليات ومنارات عسكرية لا تكاد تنقضي إحداها حتى تبدأ الاخرى.
اليوم التالي للحرب بدأ في الضفة الغربية وغورها بتوسيع هجمات جيش الاحتلال والمستوطنين في ظل تجاهل عربي ودولي، وتواطؤ اميركي لتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي والقانوني للضفة الغربية التي تقف على بعد مسافة قريبة من “الضم”، وفرض سيادة الكيان عليها؛ بتغيير مسماها لتصبح “يهودا والسامرة” وفقًا لقوانين الاحتلال والكونغرس الامريكي في واشنطن الذي سيجرم مستقبلًا كل من يعتمد خرائط بمسميات مغايرة، أسوة بما حدث في خليج المكسيك الذي بات مسماه “الخليج الامريكي”!
فإعلان سموتريتش نيته هدم 25 الف منزل فلسطيني في الضفة الغربية، ودفع 40 الف فلسطيني للنزوح من منازلهم من شمال الضفة الغربية ومخيماتها، سار بالتوازي مع قرارات جريئة للسلطة في رام الله بوقف المساعدات المقدمة للاسرى والشهداء الفلسطينيين، وإقالة قدروة فارس مسؤول ملف الاسرى في السلطة في ممارسة شرسة للسيادة على مواطنيها.
سيادةٌ قابلها الاحتلال على لسان بنيامين نتنياهو بالقول إن “اليوم التالي في غزة سيكون من دون حماس، ومن دون السلطة الفلسطينية” التي لا تزال قياداتها تنسق معه أمنيًا؛ بحثًا عن أدوار ضائعة ومفقودة في الضفة الغربية بفعل العمليات العسكرية الكبرى للاحتلال في نابلس وطولكرم وجنين وبيت لحم و الخليل، فكيف حالها في البحث عن سراب دور ممتنع في قطاع غزة؟!
يمكن القول إن الضفة الغربية على رأس أولويات ائتلاف نتنياهو الحاكم، وإن مستقبلها غائب عن النقاش الجدي في الساحة الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية؛ إذ بات ضمها، والسيطرة على غورها بمثابة تحصيل حاصل، وملفٍ منجز دون كلف تذكر إسرائيليًا وأمريكيًا.
ضعف أداء السلطة، وغيابها عن الفعل الحقيقي المؤثر خلافًا لمجريات الأحداث في قطاع غزة الذي يمتاز بمقاومة فاعلة، بلغ أثرها البحر الاحمر، وبحر العرب، وصولًا الى سوريا وتركيا وإيران، في حين لم يتجاوز أثر السلطة حدود المقاطعة في رام الله؛ بإقالة قدروة فارس، والتنسيق الأمني لتنقل مسؤوليها ما بين مكاتبهم ومنازلهم والبنوك التي يتلقون منها رواتبهم التي حرم منها الأسرى والشهداء.
ملف قطاع غزة اكتسب وزنه من وجود مقاومة فاعلة على الأرض، وعلى طاولة المفاوضات؛ ذلك أنها وضعت الاحتلال امام استحقاقات محلية وإقليمية ودولية، في حين أن ملف الضفة الغربية فقد مكانته بفعل سلطة متهالكة سياسيًا وأمنيًا واجتماعيًا، تآكلٌ ألقى بظلال ثقيلة على المشهد الفلسطيني بتقديم نموذج مثالي لنجاح اليمين الاسرائيلي ونتنياهو في التعامل مع المخاطر والتحديات، وترويضها.
نموذج الضفة الغربية بكل مكوناته يوظفه نتنياهو في مسار المفاوضات، والمرحلة الثانية من اتفاق وقف اطلاق النار في غزة، على نحو يرفع كلف المناورات السياسية والامنية المتوقع ان تقوم بها المقاومة مستقبلًا لتحسين شروط التفاوض؛ فاليوم التالي للحرب بدأ فعليًا في الضفة الغربية وغورها، ومن الممكن أن يُحْسَم فيها.
0 تعليق