ترامب وبداية ولايته الثانية: تداعيات اقتصادية عالمية

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع بداية ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، أثار دونالد ترامب جدلاً واسعاً حول سياساته الاقتصادية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي. خلال الفترة القليلة الماضية، كانت لسياساته تداعيات إيجابية وسلبية، لاسيما في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي بسبب تبعات جائحة كورونا والتغيرات الجيوسياسية.أضاف الاقتصاد الأمريكي في أول شهر كامل من ولاية الرئيس دونالد ترامب، وظائف أقل من التوقعات في شهر فبراير الماضي، فيما ارتفع معدل البطالة رغم التوقعات السابقة باستقراره، تزامن ذلك مع ارتفاع عملية تسريح الموظفين لأعلى مستوياتها منذ خمس سنوات مدفوعةً بخطط الإدارة بخفض الإنفاق الفيدرالي غير أن تأثير عمليات التسريح سيستغرق أشهراً.ووفقاً لبيانات وزارة العمل الأمريكية مؤخراً فقد أضاف الاقتصاد الأمريكي نحو 151 ألف وظيفة، وهو أقل من التوقعات التي كانت عند 160 ألف وظيفة، فيما ارتفع معدل البطالة إلى نحو 4.1% مقارنة بمستويات 4% شهر يناير الماضي.وبحسب ما نقلته وكالة رويترز عن خبراء اقتصاد فإنّ «السياسة التجارية المتقلبة لإدارة ترامب تصعّب على الشركات التخطيط للمستقبل»، وانخفضت ثقة الشركات والمستهلكين منذ يناير الماضي، ما أدى إلى تبديد كل المكاسب المحققة في أعقاب فوز ترامب في الانتخابات في نوفمبر، كما شهدت سوق الأسهم موجة بيع، إذ سجلت جميع المؤشرات الرئيسية الثلاثة في وول ستريت نتائج سلبية هذا العام، كما هبط مؤشر ناسداك المجمع نحو 10% منذ أن بلغ ذروته في ديسمبر.على الجانب الآخر، كانت سياسات ترامب الحمائية مصدراً للعديد من التحديات الاقتصادية العالمية. فقد استمر في تبني سياسات تجارية تقوم على فرض رسوم جمركية عالية على الواردات، خاصة من الصين والاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى اندلاع حروب تجارية أثرت سلباً على الاستقرار الاقتصادي العالمي. هذه السياسات أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بالنسبة للشركات التي تعتمد على سلع وسيطة مستوردة، مما أثر على أرباحها وقدرتها على المنافسة.كما أن التوترات التجارية التي أثارتها سياسات ترامب أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في العديد من الدول، خاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى السوق الأمريكية. هذا الوضع زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، مما أثر على استثمارات الشركات متعددة الجنسيات وأدى إلى تراجع في التجارة الدولية.في منطقة الخليج، كان لسياسات ترامب تأثيرات مختلطة. فمن ناحية، ساهمت سياساته في دعم أسعار النفط من خلال العمل على خفض الإنتاج، مما أدى إلى استقرار نسبي في أسواق الطاقة. هذا الاستقرار كان إيجابياً لدول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط.ولكن من ناحية أخرى، أدت التوترات التجارية العالمية إلى تراجع الطلب على النفط في بعض الأسواق، مما أثر على إيرادات الدول المصدرة.فيما يتعلق بدول الخليج، فالميزان التجاري بين الولايات المتحدة ودول الخليج يميل لصالح الولايات المتحدة، حيث تشير الأرقام المتاحة والمنشورة إلى أن الفائض التجاري الأمريكي مع دول الخليج يبلغ حوالي ملياري دولار. بالإضافة إلى ذلك، تستورد دول الخليج معظم احتياجاتها العسكرية من الولايات المتحدة، إلى جانب مجموعة واسعة من السلع الأخرى. كما تشير البيانات إلى أن صناديق الاستثمار السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي تستثمر ما يقارب 141 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، دون احتساب الاستثمارات الخاصة التي تقوم بها الشركات الخليجية في السوق الأمريكي، والتي يصعب تقدير قيمتها بدقة.يمكن القول إن شعار «أمريكا أولاً» لا يؤثر سلباً على دول الخليج، على المستوى الاقتصادي. فالدول الخليجية تُعدّ شريكاً اقتصادياً مهماً للولايات المتحدة.لا يعني هذا أننا نغضّ الطرف عن ضرورة اتخاذ إجراءات تحوطية، خاصة في ظل المتغيرات الدولية الكبرى التي تعصف بالمشهد العالمي اليوم. فقد تكون لهذه المتغيرات تداعيات غير مباشرة على دول الخليج، حتى لو لم تكن مستهدفة بشكل مباشر. ومن أبرز هذه التحديات الحرب التجارية العالمية التي تؤثر على الاقتصادات الكبرى، بالإضافة إلى احتمال حدوث توافق روسي-أمريكي قد ينعكس على أسعار الطاقة، وهو ما يُعدّ عاملاً حاسماً لدول تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط.يمكن القول إن بداية ولاية ترامب الثانية مليئة بالتحديات والفرص. إلا أن سياساته الحمائية والتوترات التجارية ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي. بالنسبة للبحرين ودول الخليج، فإن التحدي الأكبر يتمثل في كيفية التعامل مع التغيرات العالمية المتوقعة مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وتعزيز التنويع الاقتصادي لمواجهة أي صدمات مستقبلية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق