أسطورة ديوانية القلم الذهبي

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
على قدر أهل العزم تأتي العزائم، ومن يمكن أن يبلغ قدر ثقة خادم الحرمين الشريفين، وعزم ولي عهده الشاب الملهم لرؤية معالي المستشار تركي آل الشيخ، الذي أدرك دواء الثقافة السعودية ومعالجة التباعد الجسدي والتفاعلي، فقرر أن يحلها بما يشابه لمسات الأساطير.

ولعل كل ذلك كان متعسرا في تاريخ ثقافتنا، فكانت النوادي الأدبية وما زالت تعمل بنظام الشلة، والتي تأتي على هوى مدير النادي، يهتم بذلك، ويهمش هؤلاء، ما أصاب اجتماعات المثقفين بأنواع شلل، يحركون أطرافا، ويفقدون الحس في أطراف أخرى، تنتج الأعمال الناقصة.

وفي ليلة أربعاء حالمة وصلتني دعوة كريمة من الأستاذ المثقف المسرحي ياسر مدخلي، لحضور ليلة نقاشية في ديوانية القلم الذهبي، وكنت أظنها مثل المقاهي الأدبية، التي كثرت هذه الأيام، ولكن التجربة بيان وبرهان، فتوجهت في أمسية رمضانية إلى الحي الدبلوماسي، ووجدت مواقف مخصصة للديوانية، واستقبالا من أهل الدار بالتراحيب، وسط مبنى حديث على الطراز النجدي التراثي، حرصت على إطالة الخطوات، لأستمتع بالهندسة والفن والحساب.

وفي الداخل وجدت الاسم الذهبي على مسمى، بجلسة واسعة راقية، تدهشك بديكوراتها وتحفها وأناقتها ووجدت أشخاصا من الأحبة مروا بي منذ سنوات عديدة بمناسبات مختلفة، ولكن الجامع هنا حضن ديوانية أشعرتنا بأننا في بيوتنا، أريحية وكرم ضيافة، ورقي نقاش عن موضوع دهشة الأساطير الشعبية، وهي موضوع يشدني، ولي فيه كتابات كثيرة، كان أحدها كتابي "حنادي ونقوش من عبق أبها القديمة"، والذي جمعت فيه كثيرا من الحكايات الشعبية، والأساطير.

ودار النقاش توادا، ودون رسميات وكلمات خطابة، فكأننا أصدقاء يومنا، يتناول المبادر الميكرفون ويناقش، وينتقد، ويشرح، ويؤيد، بروح تجسد حال رقي المكان، وتطلعات الزمان، وبتمكن المُضيف يأسرنا بعدم تدخله أو توجيهه لغير الفناجين والمفرحات، قبل أن يرشدنا لوليمة سحور، كانت خير تطبيق عملي لمفهوم الأسطورة.

ما شهدناه ليلتها كان مختلفا عن صور الماضي، وما شعرنا به من رعاية كريمة أخجلتنا، حتى أن معالي المستشار غرد مرحبا بنا، وسأل عن ليلة منادمتنا، لنعرف أنه موجود معنا، بعطفه واهتمامه.

الديوانية بيت مفتوح طوال العام لكل مثقفي المملكة، ولأصحاب الأقلام القادرة، وهذا التوجه لا شك سيزيد تقاربنا، وعرض أعمالنا الأدبية والشعرية والقصصية والسردية على أهل التذوق والتخصص، وربما يصبح سبيلنا لصنع نتاجات السرد، التي تهم هذا الزمان، سينما ومسرح، وما يجاورها من فنون وآداب.

العتب مرفوع، والحجج تصبح باطلة، والتعاون ممكن لتعميق ثقافة أواني مستطرقة سعودية، تتميز بتكامل ألوانها لصالح الدعم وسرعة الإنتاجية، وتمكينها، ووضعها على صفحات الكتب، وخشبات المسرح، وخيالات السينما، ومسلسلات الشاشات الملونة.

من هنا، من قلب الديوانية لا بد أن تعقد الشراكات، والأعمال الخلاقة، وتُقدم الثقافة السعودية في أطباق محلية تحترم الظروف الزمانية والمكانية، واللهجة، وعروق وجذع وأغصان وأوراق الحكايات سواء كانت معاشة، أو أنها برقي التناول فنتازية تبحث عن مكانة أسطورة.

الشكر لكل من حقق روعة ذلك العمل الوطني، والكرة الآن في ملعب كل مبدع ليتقدم بلياقة وخطة وعزم يرسم ويحقق الأهداف، ويثبت أن البيئة الطيبة، لا بد أن تثمر أعمق وأندر وأثمن أصناف الإبداع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق