
السبيل
يواجه قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة مع توقف المخابز المدعومة من برنامج الأغذية العالمي عن العمل جراء نفاد مخزونها من الدقيق والسولار، مع دخول الإغلاق الإسرائيلي للمعابر أمام المساعدات الإنسانية شهره الأول.
يأتي إغلاق المخابز بعد أيام من تحذيرات أطلقها برنامج الأغذية العالمي من تعرض آلاف الفلسطينيين بغزة لخطر الجوع الحاد وسوء التغذية مع تناقص مخزونات الغذاء بالقطاع.
ويدعم برنامج الأغذية العالمي 25 مخبزا موزعين في مناطق مختلفة من قطاع غزة، وفق منشور لأمجد الشوا رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بغزة على منصة “فيس بوك”.
المخابز المدعومة تقدم الخبز للفلسطينيين بأسعار رمزية تصل إلى 2 شيكل (الدولار يعادل 3.70 شواكل) للربطة الواحدة التي تزن 2 كيلو غرام بعدد أرغفة متوسطة الحجم تتراوح بين 23-24، وسط حالة غلاء اجتاحت البضائع والسلع الشحيحة.
وساهمت هذه المخابز في التخفيف من المعاناة الإنسانية للنازحين الفلسطينيين الذين أفقدتهم حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 كل ما يملكونه، وحولتهم وفق بيانات البنك المركزي إلى فقراء.
ومع توقف المخابز، يتخوف فلسطينيو غزة الذين دخلوا أولى مراحل المجاعة الشهر الماضي، من عدم توفير الخبز لأطفالهم في ظل انعدام وصول المساعدات الغذائية إليهم.
وفي 2 مارس/ آذار الماضي أغلق الاحتلال الإسرائيلي معابر قطاع غزة أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية للقطاع، ما تسبب بتدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية محلية.
وسبق وحذرت مؤسسات حقوقية وحكومية وأممية من تداعيات استمرار تشديد الحصار الإسرائيلي على القطاع ودخول الفلسطينيين بحالة من الجوع الحاد.
** إغلاق لإشعار آخر
عبد الناصر العجرمي رئيس جمعية أصحاب المخابز بغزة (غير حكومية)، قال إن كافة المخابز المدعومة من برنامج الأغذية العالمي توقفت عن العمل أمس الاثنين واليوم الثلاثاء.
وأضاف في حديث للأناضول، أن هذا الإغلاق جاء بعد “نفاد كميات الدقيق والسكر والملح والخميرة والسولار لدى مخازن الأغذية العالمي”، جراء الإغلاق المتواصل للمعابر.
وأكد أن برنامج الأغذية العالمي هو “الراعي الوحيد لمشروع إعادة تأهيل المخابز بغزة وتشغيلها”.
واستكمل قائلا: “أبلغنا البرنامج أن الإغلاق سيستمر حتى إعادة فتح المعابر وعودة الحياة لطبيعتها”.
وأوضح أن 70 بالمئة من فلسطينيي غزة كانوا يستفيدون من هذا البرنامج ويشترون الخبز بأشعار رمزية تصل إلى (2 شيكل)، في ظل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة في القطاع والتي أفرزتها الإبادة المتواصلة.
وبيّن أن 30 بالمئة من إنتاج هذه المخابز كان يوزع بالمجان على النازحين في مراكز ومخيمات النزوح.
وشدد العجرمي على أن الحل الوحيد لهذه الأزمة الإنسانية “هو فتح المعابر”، فيما حذر من مستويات خطيرة من الجوع قد يصل إليها فلسطينيو غزة في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
**تخوفات من مجاعة
مع تدهور الأوضاع الإنسانية جراء حالة الإغلاق بالتزامن مع استمرار المجازر المرتكبة بحق المدنيين، يتخوف الفلسطينيون بغزة من دخولهم في مرحلة شديدة من المجاعة كما حدث خلال أشهر الإبادة قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.
الفلسطينية ألين قدوم، قالت للأناضول، إنها تبحث منذ ساعات الصباح على المخابز العاملة من أجل توفير الخبز لعائلتها لكن دون جدوى.
وتابعت: “نتخوف من عودتنا للمجاعة التي كنا نعيشها في الفترة السابقة، خاصة وأننا غير قادرين على توفير البضائع والسلع التي نفدت من الأسواق”.
وأبدت قدوم حالة من الحيرة المشوبة بالقلق إزاء الحلول والخيارات البديلة من أجل توفير الخبز لعائلات، في ظل ارتفاع أسعار الدقيق المتوفر في القطاع بكميات قليلة.
وناشدت الدول العربية والإسلامية بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب وفتح المعابر فورا لإنقاذ القطاع من هذه الكارثة.
بدورها، قالت رنين السلوت إن الفلسطينيين بغزة يعانون بشكل فعلي من المجاعة والقصف وتداعياته.
وتابعت للأناضول، إن الفلسطينيين والنازحين يعانون من أزمات إنسانية مركبة جراء النزوح وفقدانهم منازلهم وممتلكاتهم وبسبب نفاد السولار الذي دفعهم لاستخدام النيران للطهي ما أصابهم بأمراض في الجهاز التنفسي وصولا إلى أزمة إغلاق المعابر.
ودعت لضرورة فتح المعابر وحماية فلسطينيي غزة من هذه الكارثة المقبلة التي يدفع ثمنها الأطفال والنساء بشكل أساسي.
تشاطر الفلسطينية نعمة نصير سابقاتها في تخوفاتهن من المجاعة قائلة: “عشنا في السابق على الحشائش (الخبيزة) لمدة 6 شهور متواصلة”.
وتابعت، إنها في ظل هذه الظروف القاسية التي تتزامن نزوحها مؤخرا من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، تتخوف من عودة المجاعة.
وأشارت إلى أنها خرجت برفقة بناتها الثلاث للسوق بحثا عن المخابز العاملة من أجل شراء الخبز لكنها لم تجد.
**أوضاع كارثية
يقول فلسطينيون بغزة إن القطاع يمر بأوضاع كارثية يفاقهما إغلاق المخابز المدعومة من البرنامج الأممي.
وأضاف إسماعيل أبو جراد، في حديث للأناضول، إنه نزح مؤخرا من بلدة بيت حانون (شمال) متوجها إلى غرب مدينة غزة.
وتابع: “لم نجد مأوى يتسع لنا، فقررنا البقاء في الشارع”.
“العيش في العراء والجوع” هو أكثر ما يصيب الفلسطيني أبو جراد بالقهر خاصة وأنه بات يعجز عن توفير لقمة العيش لأطفاله ولوالدته المريضة الذين لا يتحملون البقاء بدون طعام.
وطالب إسرائيل بإدخال الدقيق ومقومات الحياة الأساسية، محذرا من استخدام التجويع كسلاح لقتل الفلسطينيين.
بدوره، قال أمين أبو العيش، إن فلسطينيي غزة باتوا محرومين من كل “سبل الحياة اليومية والدائمة”.
وأوضح أن الكارثة الإنسانية التي يعيشها فلسطينيو غزة أصبحت “لا تحتمل” بعد توقف المخابز عن العمل.
وأشار إلى أن حالة من الحيرة والصدمة انتابت الفلسطينيين بعد إغلاق المخابز، حيث لن يجدوا بعد ذلك الخبز ولا سبل الطعام.
وناشد الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية الحقوقية بالتدخل العاجل لإنقاذ القطاع من هذه الكارثة الإنسانية.
والأحد، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصعيد الإبادة الجماعية بقطاع غزة وتنفيذ مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين.
ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/ آذار الماضي، قتلت إسرائيل حتى ظهر الثلاثاء 1042 فلسطينيا وأصابت 2542 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وفق وزارة الصحة بالقطاع.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 164 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
0 تعليق