كثيراً ما تلجأ الأسرة المتوسطة والمحدودة الدخل لمزاولة أنشطة تجارية بسيطة تعزز من مواردها المالية، وهي المشاريع التي تسمى بالمشاريع المتناهية الصغر، وهي مشاريع تجارية تبدأ برأس مال محدود، وتكون العمالة فيه من أفراد الأسرة، وغالباً ما تكون هذه المشاريع منزلية، وهي تشكل نواة لأعمال تجارية صغيرة أو متوسطة، ومن أمثلة هذه المشاريع: الطبخ، أو الخياطة، أو الزراعة، أو تصفيف الشعر أو المكياج.. وغيرها.
وتلك المشاريع تتطلب توفير رأس مال صغير، وتوفير الأدوات والأجهزة اللازمة مثل مكائن الخياطة، وأجهزة تعليف الطعام، وأجهزة الطباعة على الملابس، وغيرها، وبطبيعة الحال تحتاج هذه المشاريع لمصدر تمويل، وتلجأ الأسر أحياناً للاقتراض لتوفير رأس المال وتوفير الأجهزة اللازمة، وتكمن المشكلة أن أنظمة البنوك لا تسمح بتقديم قروض بهذا الحجم، دون ضمانات، لذا تلجأ الأسر للاقتراض من الأهل والأصدقاء أو الاقتراض من المصارف المختصة بإقراض المشاريع المتناهية الصغر، ومثل هذه البنوك لا تقدم قروضاً حسنة، بل تفرض نسبة من الأرباح على هذه القروض.
من هنا تأتي أهمية توفير قروض حسنة لتمويل المشاريع الصغيرة، وتوفير تبرعات لدعم هذه المشاريع، وأهمها توفير الأجهزة والمعدات الأساسية لبدء مثل هذه المشاريع مثل توفير أجهزة الحاسوب، وأجهزة الطباعة، وربما سفن الصيد الصغيرة وغيرها.
وهنا يأتي دور الوقف الخيري لدعم المشاريع المتناهية الصغر، والتي ستكون مصدراً لزيادة دخل الأسر المتوسطة والمحدودة الدخل، فنجد أن الكثير من الواقفين قد أوقفوا عقارات لدعم احتياجات الأسر من أكل وشرب، وملبس ومسكن، وتوفير الأدوية، ونجد أن الممارسة الشائعة في مجال الوقف الخيري هو استثمار العين الموقوفة عن طريق الإيجار، والاستفادة من ريع الإيجار لدعم الأسر المحدودة الدخل، وتوفير احتياجاتها.
وأرى أنه من الأنفع للأسر، تقديم الدعم لمشاريعهم التجارية المتناهية الصغر، والتي بدورها تدر أرباحاً للأسرة بدلاً من توفير مواد استهلاكية مباشرة كتوفير الطعام والشراب واللباس والسكن، فدعم مشاريهم التجارية تبعدهم عن الاتكالية على التبرعات، وتشجعهم على العمل والإنتاج لتحسين أوضاعهم المعيشية، فالمثل الصيني الشهير يقول: لا تطعمني سمكاً، ولكن علمني كيف أصطاد، ويكون هذا الدعم إما بالتبرع بأدوات المهنة، أو تقديم قروض حسنة، أو توفير مشاغل عامة للعمل بها، فتستفيد منها أصحاب المشاريع المتناهية الصغر كمشاغل الخياطة، والمطابخ، ومختبرات الحواسيب، فتلك المشاغل التي تتكون من أجهزة يمكن لأصحاب المشاريع الصغيرة حجزها، والتناوب للعمل بها لإنتاج منتجاتهم. والواقع أن الوقف الخيري يعتبر مصدراً لدعم الحاجات الاجتماعية بصور مختلفة بحسب حاجات المجتمع، ولا تكون له صورة ثابتة، بل قابلة للتطوير والتجديد، فكلما تنوع طرق دعم الموقوف عليهم بحسب احتياجاتهم، كلما حقق الوقف الخيري أغراضه وأهدافه.. ودمتم سالمين.
0 تعليق