إن للأزمات مميزات فيها ما ينفع الناس، وفيها ما يكدر الصفو وكلاهما في وقت واحد، والتي تحمل في طياتها الخير والشر، وهما وجهان لعملة واحدة، وأما ما ينفع الناس فيها بعض الفرص التي تقود إلى النمو والتطوير، وتجعلهم يتجهون إلى التفكير لإيجاد الحلول المبتكرة، وتعلم ما هو جديد من المهارات التي تتجاوز المحن في أوقات الشدة، ويظهر فيها التعاون بين البشر الذي يقوي الروابط الاجتماعية، ومنها القيم والأهداف السامية في الحياة، كما أنها قد تكشف عن نقاط الضعف التي يجب إصلاحها قبل فوات الأوان والحث على التغيير الإيجابي، وخصوصاً في أمور الرفاهية فيما قبل الأزمات والتي نعتبرها من المسلمات، مثل الصحة، والتعليم، والأمن والأمان والاستقرار.
كما أن للأزمات وجهاً آخر يظهر من خلاله الأضرار التي تنتج عنها خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، كما أنها في بعض الأحيان تصيب الاقتصاد في مقتل، وتزيد الكساد في التجارة، وترفع من حدة المعاناة والألم، والتوتر والقلق والخوف والأمراض النفسية، وقد يستغلها البعض لتحقيق مكاسب شخصية وغير أخلاقية، ويكون لها دور عند الناس الجشعين. كما أن لها دوراً كبيراً يحدث الانقسام في المجتمع الواحد، الذي يعرقل عمل التنمية، كما أن الأزمات تعيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وتؤخر على تحقيق الأهداف التنموية.
إن التعامل مع الأزمات يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار وبحذر شديد من الأمور المستخلصة من الدروس المستفادة، والعمل على تخفيف الاحتقان الناتج عن الآثار السلبية في المجتمع.
ولنستشهد ببعض الدروس التي من الممكن الأخذ منها بعض العبر، وعلى سبيل المثال الحرب العالمية الثانية كانت قد بدأت بصراع اقتصادي عالمي قبل أن يشتعل فتيل الحرب في العام 1939 حيث استمرت إلى العام 1945، وشملت هذه الحرب ما يقارب غالبية دول العالم بما فيها القوى العظمى، وفي نهايتها تشكل حلفين عسكريين متضادين، هما ما يسميان بالحلفاء والمحور، حيث كانت هذه الحرب أخذت امتداداً واسعاً على مستوى التاريخ، وشارك فيها الملايين من المحاربين من أكثر من 30 دولة. الحرب العالمية الثانية وقعت فيها مذابح راح ضحيتها الكثير من المدنيين من خلال قصف ممنهج لبعض المدن، مما جعلها من أكثر الصراعات الدموية في تاريخ البشرية.
ومن الأسباب الرئيسية التي أدت لقيام الحرب العالمية الثانية، هي معاهدة فرساي التي فرضت بعض الشروط القاسية على ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، مما أدى إلى استياء واسع النطاق وأخذ صوت القومية الألمانية يرتفع، ومن أسبابها الرئيسية الأزمة الاقتصادية العالمية والكساد الكبير الذي مر به العالم، حيث أدت هذه الأزمة في ثلاثينيات القرن الماضي إلى زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي في العديد من الدول، وساهمت في صعود الأنظمة الفاشية والعسكرية، ومنها في ألمانيا كانت «بقيادة هتلر»، وإيطاليا «بقيادة موسوليني»، واليابان التي اتبعت السياسات التوسعية.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقينا شرور الحروب والفتن، ويحفظنا ويحفظ بلادنا وبلدان العالم، من كل شر ومكروه.
0 تعليق