شاء القدر أن يلقبني الناس أمام هذا العالم أجمع بـ«اليتيمة»، إنني مصنفة أمام البشر كطفلة بلا أب وبين جموع الأطفال الطفلة التي لا تمتلك أباً في حياتها يأخذها من المدرسة نهاية كل يوم دراسي، الطفلة التي لا يحضر أبوها مع أمها يوم أولياء الأمور وأيام المناسبات الهامة بالمدرسة، تلك التحديات والضغوطات النفسية تبدأ معك في سن مبكرة للغاية أمام مجتمع أطفال قد لا يراعون كلامهم لك، وقد تتعرضين للتنمر منهم!
الطفلة التي عندما تمرض وتتصل إدارة المدرسة على ولي أمرها قد يصادف أنه وقتها الكل مشغول، ولا يوجد أحد يستطيع أن يمر المدرسة ليأخذها ويعيدها إلى المنزل أما الموجع أكثر فأنت عليك تحدٍ أن تكوني دائماً بصحة جيدة! عليك كيتيمة أن لا تمرضي، لأنك إذا مرضتِ في وقت متأخر من الليل مثلاً فهناك حاجة من قبل والدتك المغلوب على أمرها البحث ومحاولة الاتصال في من حولكم وإيقاظهم لإيجاد شخص يستطيع أخذك إلى المستشفى ليلاً ويحضر لك أدويتك، إن الأكثر رعباً كان عندما ترتفع درجة حرارتك فجأة كما يحصل مع كل الأطفال عادة وعليك الانتظار لحين ينجدك أحد، ويأخذك إلى الطوارئ سريعاً!
لقد بدأت استوعب ملامح اليتم القاسية، وأنا أرى كل الأطفال يأخذهم آباؤهم بالسيارة فيما وضعي مختلف عنهم! لما فترة ما بعد العصر لا يوجد أحد يأخذني كطفلة إلى الدكان البعيد ليشتري لي حلويات وآيسكريم! لما لا يوجد من يهديني الألعاب، ويشتري لي الأمور التي أسمع من الأطفال حولي أن آباءهم اشتروها لهم، لما لا أحظى في الصيف بإجازة سعيدة ورحلة سفر يرتبها لنا أبونا كما تفعل معظم العائلات؟ لما في عطلة نهاية الأسبوع لا أحد يمر ليأخذنا إلى حديقة الألعاب أو السوق، ويتفقد نواقصي واحتياجاتي! إن صادف أن أخذك أحد من الأهل فهناك غيره تستشعرينها من إحدى بناته أو أولاده أو عدم تقبل لك.
مع الوقت ستبدئين في إدراك أنك اليتيمة التي عندما كبرت ووصلت إلى مرحلة التخرج من المدرسة كان هناك مقعد فارغ فاضٍ من والدك، ولست كبقية الفتيات اللواتي يحمل آباؤهم لهم باقة ورد، ستقولين لنفسك في كل مناسبة اكتشفتني يتيمة أكثر ففي كل أفراحي يكون الحزن حاضراً وطعنة الفقد تعود لتظهر على سطح جروحي الخفية، في كل أفراحي مكتوب علي أن أحزن وكأن هذا الحداد خلقه الله في قلبي بشكل أبدي!
في الجامعة في طابور الدفع اكتشفتني يتيمة أكثر وأنا أراني واقفة بين الآباء في الطابور يدفعون الرسوم فيما أنا أقف لوحدي. إن اليتم يزداد كلما كبرت واكتشفت الحياة من حولك وكيف الأنظمة والقوانين تسير بين البشر وأنت تكتشف أن والدك هو من قد يلعب أدواراً رئيسة كبيرة في حياتك.
الحياة تعلمك في رحلة يتمك المؤلمة هذه أنك لست مثل أقرانك أبداً! أنت أيها اليتيم لوحدك دائماً وأن حاوطك ملايين البشر فلا أحد يحمي ظهرك إن سقطت وظهرك متاح للضربات والطعنات ومواجهة العواصف لوحدك.
هذه الكلمات محاولة لشرح وضع كل يتيمة في هذه الحياة ورسالتي في يوم اليتيم العالمي إن كان حولكم هناك يتيم أو يتيمة فأحسنوا لهم دائماً فأنتم لا تدركون حجم خسائرهم وهزائمهم الخفية في هذه الحياة.
0 تعليق