في واحدة من أخطر المحاولات الإرهابية التي كُشف عنها في المنطقة مؤخراً، أعلنت الأجهزة الأمنية الأردنية عن إحباط مخطط إرهابي معقد كان يستهدف استقرار المملكة من الداخل، عبر تصنيع صواريخ محلية الصنع وتنفيذ هجمات نوعية. ما تم كشفه لم يكن مجرد تهديد عابر، بل مشروعاً ممنهجاً لضرب استقرار دولة محورية لطالما كانت ركيزة توازن في قلب الشرق الأوسط. وفي خضم هذه التطورات، جاء موقف مملكة البحرين واضحاً وحاسماً: أمن الأردن من أمن البحرين، ومن يستهدف عمّان، فإنه يستهدف سائر العواصم العربية. فقد أدانت وزارة الخارجية البحرينية هذا المخطط الإرهابي بعبارات قوية، مؤكدة دعمها المطلق للإجراءات التي تتخذها عمّان لحماية سيادتها ومصالحها، ومشيدة بقدرات أجهزتها الأمنية التي حالت دون وقوع كارثة حقيقية.هذا الموقف البحريني ليس مجرد تعبير عن تضامن، بل هو موقف استراتيجي واعٍ لطبيعة الخطر. فالمخطط الإرهابي الذي تصدت له المخابرات الأردنية تقف خلفه تيارات متطرفة وتنظيمات ظلامية لا تزال تتحرك بين الدول للعبث بالاستقرار. من أبرز هذه التيارات جماعة الإخوان المسلمين المصنفة إرهابية في عدة دول، وغيرها من الجماعات التي تتبنى فكراً هداماً يهدد الأمن والسلم في المنطقة بأسرها.لقد كشفت التحقيقات أن الخلية كانت مرتبطة بقيادات غير مرخصة، تتلقى الدعم والتوجيه من الخارج، وتعمل وفق أجندة تتجاوز الأردن لتطال مستقبل المنطقة. وبحسب التقرير، فقد تم ضبط معدات قادرة على إنتاج 300 صاروخ، ومدى بعضها يصل إلى خمسة كيلومترات، في مواقع سرية داخل أحياء مدنية. هذه ليست مؤامرة على دولة بعينها، بل على مفهوم الدولة والاستقرار في الإقليم كله.إن وجود مثل هذه الجماعات لا يشكّل تهديداً لدولة واحدة، بل لكل دولة تسعى للسيادة والتنمية. ولهذا، فلا بد من تحرك عربي موحّد يتجاوز البيانات، نحو اجتثاث كامل لكل بؤر التطرف، سياسياً وفكرياً وأمنياً. فلا يمكن أن تبقى دولنا رهينة لتنظيمات تحركها أجندات أجنبية بأسماء دينية أو سياسية.العملية التي نفذتها المخابرات الأردنية أظهرت نموذجاً يُحتذى به في العمل الاستخباراتي العربي. ولكن هذا النجاح يجب أن يتبعه تحالف حقيقي بين الدول المستقرة لملاحقة هذه التيارات أينما وجدت، وتجفيف منابع تمويلها، وفضح خطابها الزائف الذي يحاول الالتفاف على مفاهيم الدولة والسيادة والقانون.ما جرى في الأردن ليس حدثاً عابراً، بل إنذاراً حقيقياً بأن الجماعات الإرهابية، تحت أي مسمى، ما زالت تتربص. والرد لا يجب أن يكون فقط أمنياً، بل سياسياً وثقافياً وإعلامياً. فإما أن نتقدم كدول قوية حرة، أو نُستنزف في معارك عبثية يفرضها علينا الآخرون.أمن الأردن هو أمن كل بيت عربي. والتساهل مع التطرف لم يعد خياراً.إن المرحلة الحالية لا تحتمل التهاون أو التراخي. فوجود هذه التيارات المتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان، هو سرطان يجب استئصاله من الجذور. والتعامل معها لا يجب أن يكون جزئياً أو وقتياً، بل حاسماً، دائماً، ومبنياً على استراتيجيات عربية شاملة وواضحة الأهداف.
أمن الأردن من أمننا.. وتيارات التطرف تهديدٌ يجب استئصاله

أمن الأردن من أمننا.. وتيارات التطرف تهديدٌ يجب استئصاله
0 تعليق