موجة الغبار.. وصمت القرار

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

استيقظت البحرين صباح يوم الثلاثاء الماضي على موجة غبار كثيفة غطت الأجواء، ولفت البلاد بلون رمادي خانق، صباح كانت فيه الرؤية شبه معدومة، والهواء محمل بذرات الغبار التي تسللت إلى البيوت، والسيارات، والصدور.وفي الوقت الذي حذرت فيه إدارة الأرصاد الجوية من تصاعد الأتربة في بعض المناطق واحتمالية تشكل غبار كثيف، كان آلاف من أبنائنا الطلبة يشقون طريقهم إلى المدارس، وكأن شيئاً لم يكن.ورغم مناشدات أولياء الأمور بتعطيل المدارس وتحويل الدراسة عن بُعد، إلا أنه لم يصدر أي تفاعل ولم يتم اتخاذ أي إجراء احترازي لتحويل الدراسة إلى «عن بُعد»، رغم أن البحرين تملك تجربة رائدة في هذا المجال، فقد أثبتت المملكة، خلال جائحة كورونا، قدرتها الفائقة على تفعيل التعليم الإلكتروني، ووفرت منصات رقمية متقدمة أثبتت فعاليتها في ظروف أكثر تعقيداً من يوم مغبر، فلماذا لا يتم الاستفادة من هذه البنية التحتية الجاهزة في مثل هذه الظروف الطارئة؟!الحقيقة أن المسألة لا تتعلق بالتكنولوجيا، ولا بالقدرة، فكل شيء متوفر، لكن ما ينقص هو سرعة الاستجابة وتقدير المخاطر. فالغبار لا يرهق فقط الرؤية، بل يثقل صدور من يعانون من الربو والحساسية وأمراض الجهاز التنفسي، فأبناؤنا الطلبة ليسوا أرقاماً في جدول الحضور، بل أرواحاً تستحق الحماية، ويكفي أن يتعرض أحدهم لنوبة تنفسية حادة؛ بسبب الغبار ليعرف الجميع معنى التأخير في اتخاذ القرار.ومن المفارقات أن البحرين تعد من الدول الرائدة في اتخاذ قرارات إنسانية لحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، ومن أبرزها قانون وقف العمل في الأماكن المكشوفة خلال ساعات الظهيرة في شهري يوليو وأغسطس، حفاظاً على صحة وسلامة العمال من حرارة الشمس. وهو قرار يشكر ويحترم، لأنه نابع من مبدأ الوقاية والحرص على الإنسان أولاً. فلماذا لا يطبق نفس المنطق على الطلبة في أيام الغبار الشديد؟ أليست الحماية واجبة في كل ظرف استثنائي؟نحن لا نطالب بالتعطيل العشوائي، بل بنداء بسيط يضع صحة أبنائنا في كفة، وأهمية التكيّف مع الظروف في الكفة الأخرى. لا بأس أن يستمر التعليم، ولكن عن بُعد، يوماً أو اثنين، ريثما تنجلي السماء ويصفو الهواء.ما زلنا نؤمن أن من بيده القرار يملك القدرة على التصرف بما يحمي أبناءنا، ونأمل أن تكون هذه التجربة درساً يستفاد منه، حتى لا يتكرر المشهد القادم تحت سماء غبارية أخرى، وصمت إداري جديد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق