حتى لا تتكرر مآسي الصيف الماضي!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رغم مرور عام تقريباً، ما زالت صورة الحريق المروّع في أحد مباني منطقة اللوزي عالقة في الأذهان، 4 أرواح بريئة رحلت فجأة، في ليلةٍ لم تكن كبقية ليالي مايو، مبنى من ثمانية أدوار واثنتين وثلاثين شقة تحوّل بعضها إلى كتلة لهب، ومعه احترقت قلوب ذوي الضحايا، وارتجف المجتمع كله على وقع الخبر.

ومع دخول الصيف هذا العام، لا ترتفع الحرارة والرطوبة فقط، بل يرتفع معها القلق، قلق حارق يشبه النار التي لا تنتظر كثيراً لتُعلن عن نفسها، الحوادث المرتبطة بالحرائق تزداد، ومؤشر الخطر يعلو، في ظل تقصير البعض في الالتزام باشتراطات السلامة، سواء في المنازل أو المحال أو حتى في المباني السكنية الكبيرة.

حين نعود ببصرنا للوراء، لا نرى مجرّد أحداث عابرة، بل سلسلة مؤلمة من الحوادث؛ حريق شقق اللوزي، وحريق سوق المنامة القديم، وغيرها من الكوارث التي خلّفت وراءها خسائر موجعة، بشرية ومادية، والمؤلم أكثر أن الأرقام لم تكن في صالحنا، فقد سجلت الإدارة العامة للدفاع المدني نحو 967 حريقاً في النصف الأول فقط من العام الماضي، رقم كبير لا ينبغي أن يُقرَأ كإحصائية باردة بل كجرس إنذار.

ورغم اختلاف الأسباب بين تماس كهربائي، وتسرّب غاز، وإهمال صيانة، وسوء تمديدات، تظل النتيجة واحدة: خسائر لا تُعوّض، وأرواح تزهق، وأمان يضيع، كل هذه الكوارث، مهما اختلفت أسبابها، تتقاطع عند نقطة واحدة؛ غياب الوعي، وغياب الالتزام.

الجهات الرسمية، وعلى رأسها الدفاع المدني، تبذل جهداً يُذكر ويُشكر، تدريب مستمر، تجهيزات متطورة، مركبات استجابة سريعة، ومقطورات ماء مزودة بأحدث المعدات، لكن يبقى السؤال: هل هذا كافٍ؟ هل وحدها الجهات الرسمية قادرة على حمل عبء السلامة بمفردها؟

الجواب بكل تأكيد لا يحتاج إلى تفكير طويل؛ لأن السلامة مسؤوليتنا جميعاً، كأفراد ومجتمع وحتى مؤسسات، السلامة تبدأ من الوعي الفردي وتنتهي بالتشريعات والقوانين الصارمة، نحن بحاجة إلى ما هو أكثر من ردود الفعل، نحتاج فعلاً استباقياً، حملات تفتيش جدية، توعية لا تتوقف، ومحاسبة لا ترحم المقصرين، خصوصاً في المباني القديمة والمساكن المكتظة التي تتحول صيفاً إلى قنابل مؤجلة.

لنكن واقعيين؛ الصيف لا ينتظر ولا يرحم، لكننا نستطيع أن نستعد له، نستطيع أن نضع حدّاً لهذا السيناريو المتكرر، لا بأن نكتفي بالحزن بعد كل فاجعة، بل بأن نغلق هذه الصفحة المؤلمة بوعي جماعي صارم وبقانون لا يساوم على حياة الناس.

فهل ننتظر حريقاً آخر يُعيد طرح الأسئلة ذاتها؟ أم نبدأ فعلياً في إغلاق هذه الصفحة المؤلمة عبر وعي جماعي، وتشديد رقابي، وصرامة قانونية؟ الصيف لن يتوقف، لكن الحوادث يمكن أن تتوقف إن اخترنا أن نحيا بأمان لا بمصادفة.

وأخيراً؛ لنتكاتف جميعاً من أجل صيف أكثر أماناً.. وأكثر وعياً.. وأكثر إنسانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق