أيمن شكل
تلقى مجموعة من المستثمرين في منصة تمويل جماعي مرخصة، خطابات تؤكد أنهم قد يخسرون استثماراتهم التي وضعوها في مشاريع معلنة، وجاءت كل الخطابات تحت عنوان واحد «إشعار بسوء استخدام الأموال»، يؤكد لهم أنهم يواجهون خطراً مرتفعاً قد يؤدي إلى «خسارة كلية».
وقال أحد المستثمرين لـ«الوطن»، «قمت باستثمار أموالي في 3 مشاريع على تلك المنصة بعد أن تأكدت أنها مرخصة من قِبل مصرف البحرين المركزي، ولم تكن الأرباح المعلنة للمشاركة في تلك المشاريع مبالغاً فيها مثلما تفعل المنصات الوهمية الأخرى، كما أن رئيس مجلس الإدارة شخصية معروفة في البحرين وموثوق فيه، وهو ما جعلني أثق فيهم وأضخ مدّخراتي في المشاريع الثلاثة».
إشعارات بسوء استخدام الأموال
وأضاف: «تفاجأت بثلاثة إشعارات وصلتني من الشركة بنفس الصيغة مع تغيير رقم المشروع، حملت جميعها العنوان التالي: الموضوع: إشعار بسوء استخدام الأموال، مع عنوان فرعي صغير (دون مساس بالحقوق)».
وأضاف أن الإشعار تضمّن أنه «بعد تحقيق داخلي وخارجي من قِبل المدققين، تمّ التوصل إلى أن الأموال الخاصة بهذه الصفقة لم تُستخدم للغرض المخصّص لها. وقد تمّ تحديد وقوع سوء استخدام لتلك الأموال، ويتمّ حالياً اتخاذ الإجراءات المناسبة بالتعاون مع الجهات المعنية لتقييم الوضع وتحديد الخطوات التالية».
وتابع أن الإشعار جاء فيه أيضاً: «نبلغكم بأن استثماركم في هذه الصفقة يواجه خطراً مرتفعاً قد يؤدي إلى خسارة كلية، نظراً لخطورة وطبيعة هذا التصرّف غير المشروع. ونحن ندرك تماماً جسامة هذا الأمر، ونحترم حقكم الكامل في اتخاذ ما ترونه مناسباً في هذه المرحلة.
وتؤكد الإدارة التنفيذية لصفقات ومجلس الإدارة التزامهم الكامل بالشفافية التامة، والإفصاح، والتعاون مع الجهات الرقابية. وسنواصل العمل عن كثب مع الجهات المختصة، مع إبقاء جميع المستثمرين المتأثرين على اطّلاع بأي تطورات جوهرية. نؤكد لكم أن مصالحكم تبقى على رأس أولوياتنا».
وأشار المستثمر إلى أنه واحد من ضمن مجموعة كبيرة استثمرت في تلك المشروعات بعد أن أعلنوا في وقت سابق عن أرباح المستثمرين في مشاريع سابقة واسترداد أموالهم، لكن الصدمة أنه لم يكن المشروع الوحيد الذي تعرّض لهذا الاحتيال.
ولفت المستثمر إلى أن المنصة استطاعت أن تجمع مبالغ تفوق المليون دينار من مستثمرين في عدة مشاريع، وقال: «تواصلنا مع رئيس مجلس إدارة المنصة والمسؤول الرئيس فيها، وهما شخصيتان معروفتان ومحل ثقة في المجتمع البحريني، ولم نحصل إلا على تطمينات وتلميحات إلى احتمالية خسارة الأموال، فتقدّمنا قبل أكثر من 20 يوماً ببلاغات إلى مصرف البحرين المركزي، وحتى اليوم لم نحصل على رد».
ردود مبهمة وتغيير في السياسات
بدورها أكدت بحرينية أنها مستثمرة قديمة في المنصة، وقد وثقت بها بناء على ترخيصها من مصرف البحرين المركزي، إلا أنه لوحظ في الأشهر الأخيرة تأخر مستحقات المستثمرين وعدم التوضيح من قِبلهم ماهية أسباب التعثر والتأخير، مما سبب التوتر والقلق للمستثمرين، خوفاً من خسارة أموالهم، وعندما تم التواصل معهم كان الردّ «نتابع الموضوع» فقط بدون أي تفاصيل أخرى.
وأضافت: «في الصفقة الثانية التي تأخرت كان الرد عليّ بأنه لا يوجد تأخير ولا مشكلة، وسوف يستحق المبلغ خلال 5 أيام، لكن لم يحدث، فرجعت للتواصل معهم مرة أخرى فكان الرد فقط «تتمّ متابعة الموضوع».
وأشارت إلى أن المنصة غيّرت سياستها قبل أسبوعين، وتخلّوا عن المستثمرين، بينما كانت السياسة السابقة تؤكد أنهم يتحمّلون مسؤولية عدم دفع التاجر للمستثمر، ولا يوجد أي سبب وتحديث لأسباب التأخر والتعثر في الصفقات. وقالت: «أخذت رقم المستثمر المتأخر عن السداد، وبعد التواصل معه أفاد بأنه يمر بظروف، ولا يستطيع الدفع للمنصة، بينما وعد المستثمر الثاني بالسداد قريباً بدون تحديد موعد، علماً بأنهم متأخرون عن السداد بدون توضيح من المنصة».
المنصة متوقفة منذ يناير
وقال أحد المستثمرين إن المنصة توقفت منذ شهر يناير الماضي عن الإعلان عن صفقات جديدة، وذلك بأمر مصرف البحرين المركزي، فيما أكد موقعها ذلك حيث كانت آخر صفقة بتاريخ 19 يناير 2025، ويضع موقع المنصة المرخصة من قِبل مصرف البحرين المركزي منذ سبتمبر 2022، إعلاناً نصه: «نحن نستثمر أموالكم في مشاريع مدروسة بعناية، حيث يتمّ تقليل المخاطر إلى أقصى حد ممكن، وبالشراكة مع أكثر الشركات موثوقية. وفي حال حدوث أي خلل من جهة التاجر، فإن المنصة تلتزم بإرجاع رأس مالكم، «في حال ثبوت أي مخالفة أو تقصير من جانب المنصة».
كما تُعلن المنصة على موقعها أن عدد المستثمرين قد بلغ 780 مستثمراً في 8467 مشروعاً استثمارياً، فيما أكد مستثمر آخر أنه استثمر أكثر من 40 ألف دينار، مع المنصة باعتبارها تعمل بنظام التمويل الجماعي، بينما أودع صديقه مبلغ تجاوز 8 آلاف دينار، وكان من المفترض استرداد المبالغ والأرباح قبل 3 أشهر، لكن دون جدوى سوى المماطلة.
«مفتي المنصة»: المسؤول يتحمّل الخسارة
وقال مستثمر آخر: «سألنا الشيخ الذي أصدر لهم الفتوى بأن المنصة متوافقة مع الشريعة الإسلامية، والذي رد قائلاً: فيما يخص الجانب الشرعي فآلية تنفيذ الاستثمار تتفق تماماً مع أحكام الشريعة الإسلامية وبصفتي مستشاراً شرعياً مستقلاً، فإنني أرى من خلال التعميم أن الاستثمار لم يتمّ وفق المطلوب شرعاً، وإن تحققت خسارة، فإن المستثمر لا يتحمّلها؛ لأن أمواله أسيء استخدامها، ولم توظف في الصفقات التي اختارها المستثمر وبكل شفافية واستقلالية، فإن المستثمر له كامل الحق في استرجاع رأس ماله دون أي نقص.
وأما من الناحية الشرعية، فإن الوكيل الاستثماري إذا تعدّى أو قصّر في تنفيذ ما أنيط به، فإنه بهذا يتحمّل الخسارة وهو مُلزَم بتعويض المستثمر وردّ رأس ماله، والواجب على المستثمر اللجوء إلى الجهات المختصة والمسؤولة والمحاكم المختصة للمطالبة بردّ الحقوق للمستثمرين».
الموضوع صعب.. ولكن
وتواصلت «الوطن» مع رئيس مجلس إدارة المنصة، والذي رفض التعليق على الإشعار، كما حاولت التواصل مع الرئيس التنفيذي، لكن لم يرد على الاستفسار، فيما أوضح أحد المستثمرين أن رئيس مجلس الإدارة قد أكد له أن المسؤولين يعملون بجد كبير لحلحلة المشكلة، إلا أنه استدرك قائلاً إن «الموضوع صعب جداً» ولكنّ لديهم أملاً كبيراً في استرجاع أموال المستثمرين كاملة، وقد يستغرق ذلك وقتاً قد يطول أكثر من اللازم، ولا توجد فترة زمنية محدّدة لاسترجاع الأموال من الشركات المتعثرة.
0 تعليق