في كل مرة ألتقي بردود أفعالكم حول العدد الأخير من مجلة "دلمون"، أزداد يقيناً بأن رسالتنا تصل إليكم، وأن هذا الجسر الممتد بين الماضي والحاضر يُضاء بفضل شغفكم ودعمكم، وكلماتكم اللطيفة. حديثي اليوم ليس عن فكرة جديدة أو تحليلٍ عميق، بل دعوة لكم لقراءة كلمتي التي افتتحنا بها العدد الأخير من مجلتكم العريقة "دلمون"، وهي ما بيّنت فيه أن الحلّة الجديدة لمجلة "دلمون" بمثابة خيط يربط بين أصالة التراث وروح التجديد، وهي رسالة حملتها المجلة عبر تاريخها، لتعكس كيف يمكن للأصالة أن تتناغم مع حداثة الطرح، فإن كنتم لم تطّلعوا عليها بعد، ها أنا أعيد كتابتها لقرّاء حبري الجاف.
أعزائي قرّاء دلمون..
مرحباً بكم من جديد في العدد الثالث والثلاثين من مجلتكم العريقة دلمون، ها نحن عاماً بعد عام نواصل معكم رحلتنا في توثيق التاريخ، ومحاولة وصل الماضي بالحاضر بكل فخر وشغف، إن استمرارية هذه المجلة ليست إلا انعكاساً لإيمانكم برسالتنا، وثقتكم بدلمون كنافذة تطل على حضارة ضاربة في عمق الزمن، وثروة فكرية غنية لا تنضب.
ومع كل عدد، نزداد تصميماً على المُضيّ قُدماً، حاملين أمانة الإرث التاريخي لنُعيد صياغته لكم بحلّةٍ معاصرة تُثري العقول وتلامس القلوب، وهذا ما بدأناه بالعدد السابق لهذا العدد، حيث أطللنا عليكم بحلّة جديدة وجريئة، مبتعدين عن الرتم التقليدي في التصميم الخاص بالمجلات التاريخية والعلمية، وأسعدتنا ردود أفعالكم التي أطرت على هذا التغيير الذي أعطى لقارئ دلمون تجربة مختلفة.
وها نحن نجدّد العهد معكم، ومع رسالتنا التي تؤمن أن الحفاظ على الهوية والتراث هو الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقاً، ويسرّنا أن نقدّم لكم هذا العدد من مجلة دلمون، الذي يأتي حافلاً بأبحاث جديدة تعزّز دور المجلّة كمنصة علمية محكمة ومصدر موثوق في تاريخ وآثار البحرين، والذي يحتوي على باقة متنوعة من الأبحاث التي تضيء زوايا مختلفة من تراثنا وتاريخنا.
نبدأ بدراسة عميقة حول لؤلؤ البحرين وأهميته الاقتصادية والثقافية، معتمدة على مصادر تاريخية متنوعة تسلّط الضوء على مكانة اللؤلؤ في الشعر العربي والأدب العالمي، ثمّ نسلّط الضوء على دور الصحافة البحرينية في توثيق التغيّرات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، مستعرضين مع الباحث نشأتها وتطورها منذ بدايات القرن العشرين وحتى يومنا هذا، كما نتطرّق إلى دراسة تاريخية عن حركة الردة في البحرين وأثرها في تشكيل الهوية الدينية والاجتماعية في المنطقة خلال القرن الأول الهجري، ويختتم هذا القسم ببحث حول عين أم غويفة في منطقة الرفاع الغربي، والتي تتبّع الباحث تاريخها وأثرها في نشأة وتطور المنطقة من خلال الرواية الشفهية التي حصل عليها من أهل الرفاع الغربي.
ووفاءً للراحل الدكتور يوسف محمد، عضو اللجنة الاستشارية في مجلة دلمون، خصّصنا ملحقاً خاصّاً لتأبين الإعلامي القدير الدكتور يوسف محمد، والذي ترك بصمات لا تُنسى في مسيرة توثيق تراث البحرين، حيث كان "بومحمد" رائداً في تقديم برامج تجمع بين العلم والإبداع، فيسعدنا أن نشارككم في هذا الملحق مقالات عن الفقيد، تُبرز دوره المحوري في إثراء المحتوى الثقافي والإعلامي.
ومع ذكر الدكتور يوسف لابد أن أُشير إلى الدور البارز للسفير عيد القحطاني، الذي كان شريكاً أساسياً للراحل الدكتور يوسف محمد في تحويل مجلة دلمون إلى منصة علمية محكمة، فبفضل جهودهما، أصبحت المجلة نموذجاً يُحتذى به في البحث الأكاديمي والتوثيق الثقافي.
إن استمرارنا حتى هذه اللحظة ليس إلا بفضل ثقتكم ودعمكم، فأنتم شركاؤنا في هذه الرحلة التي تجمع بين شغف الاكتشاف وشرف الحفاظ على تراثنا، ومع كل عدد جديد، نتجدّد معكم، ونؤكد أن هذا الإرث الثمين هو أمانةٌ نحملها معاً، ونعمل من أجل أن يستمر للأجيال القادمة.
مرحباً بكم في عددنا الجديد من مجلة دلمون، حيث نعود دائماً لنكتب التاريخ، نقرأه، ونعيشه معكم.
0 تعليق