مع إعلان قيام الدولة العباسية وانتقال مقرّ الدولة العربية الإسلامية إلى العراق عام 132هـ/750م، أظهر العباسيون اهتماماً واضحاً بالخليج العربيّ والبحرين، ومع تأسيس مدينة بغداد واتخاذها حاضرة للدولة العربية الإسلامية ازداد حرص العباسيين على تأمين طرق المواصلات وضمان سلامة الملاحة البحرية وضمان وصول بضائع الشرق بحراً إلى بغداد عبر الخليج العربي والبحرين، وكل ذلك دفع العباسيين إلى الاهتمام والحرص الكبير بالبحرين وأمنها واستقرارها، لذا أنيطت إدارة البحرين بالخلافة العباسية بشكل مباشر وأحياناً من خلال اختيارهم أفضل الولاة وأخلصهم وأقربهم للعباسيين وتعيينهم ولاة على البصرة والبحرين، ونذكر منهم داود بن علي العباسي وسليمان بن علي العباسي، واللذين قاما بتعيين ولاة محليين وعمال من أهل البحرين، وذلك لضمان حُسن الإدارة ومعالجة أوضاعها وتحقيق الاستقرار فيها، وشهدت البحرين في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد تطوراً ملحوظاً من خلال استحداثه منصباً إدارياً جديداً أطلق عليه اسم والي البحرين والغوص وعيّن فيه أحد كبار قادته والياً وأنيطت به إدارة الإقليم، والذي تمتّع بصلاحيات واسعة لتنفيذ سياسة العباسيين الإدارية والسياسية والاقتصادية، ممّا انعكس إيجاباً على أحوال البحرين.
إنّ سياسة العباسيين الإدارية والاقتصادية والسياسية المذكورة انعكست إيجاباً على البحرين والتي شهدت تطوراً ملموساً واستقراراً سياسياً وازدهاراً اقتصادياً، فأصبحت بذلك من بين أهم ولايات الدولة العباسية، حيث كان لموانئها وسواحلها الدور البارز في تأمين وصول البضائع وتحقيق أمن الملاحة البحرية في الخليج العربيّ، بل ساهم تجارها بتأمين نقل البضائع وإيصالها إلى حاضرة الدولة العباسية في بغداد، علاوة على ما شهدته من ازدياد نشاط مهنة الغوص على اللؤلؤ والذي أثّر على تصاعد معاملات أسواقها وازدهار الحركة التجارية الداخلية والخارجية فيها، وكان لإدارة البحرين الرشيدة دور في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والازدهار الاقتصادي والذي أثّر بشكل مباشر على تطورها في كافة الصُعُد لاسيّما المجالات العلمية والثقافية والعمرانية والحضارية.
0 تعليق