حينما تلقي المأثورات من ثقافات المجتمعات، تعمل على التّعارف، وتفرزُ الوصل بين شعوبها، وتولد التّقارب والتّجانس فيما بينها، فيتحَقّق بذلك التّعايش والتّآلف.
ولعلّ أبرز أشكال المأثورات الثقافية التي تلعب دوراً بارزاً في ذلك، بل هي تعدّ الوسيلة الأمثل باعتبارها قناة التّواصل الموحّدة واللغة التي تفهمها جميع الأمم، ألا وهي الفنون بصفة عامة والموسيقى على وجه الخصوص.
من هذا المنطلق، وفي إطار الاحتفاء بمرور 35 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين مملكة البحرين وجمهورية روسيا الاتحادية، وتزامناً مع مجريات النسخة التاسعة عشرة من مهرجان ربيع الثقافة بمملكة البحرين، فقد حطّ طائر العنقاء بأرض الخلود، بعد أن حلّق في جل بلدان العالم، ليُعلن على خشبة مسرح البحرين الوطني انطلاق المواسم الثقافية الروسية في مملكة البحرين، كي تستمر على مدار عام 2025.
حيث افتتحت المواسم الثقافية الروسية بحفل أوركسترا مارينسكي بقيادة المدير الفني فاليري جيرغيف، وقدّمت الفرقة مجموعة من أشهر الأعمال الموسيقية الروسية والأوروبية، وذلك مساء يوم الاثنين 27 يناير، وتعتبر الأوركسترا واحدة من أقدم الأوركسترات في روسيا، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 200 عام، وهي امتداد لأوركسترا دار أوبرا الإمبراطورية في سانت بطرسبرغ.
إن عراقة هذه الأوركسترا من عراقة فن الأوبرا في مأثور الموسيقى في الثقافة الروسية، تلك العراقة التي يرمز إليها طائر العنقاء، فهو رمز قوي في العديد من الثقافات والأساطير، ويُعتبر عادةً رمزا للخلود والتجدد في الأسطورة اليونانية، وكذلك في الثقافة الروسية، فهو رمز للمعاني الأسطورية التي ترتبط بالتجديد والنقاء والبعث بعد الموت، عندما ينتهي عمره، يُحترق العنقاء ليخرج من رماده طائر جديد، كما في الأدب الشعبي والفلكلور الروسي.
فلعلّ مهرجان المواسم الثقافية الروسية من خلال شعاره طائر العنقاء، جاء يستطلع التّجديد في ربوع أرض عرفت في رمزية أساطيرها بالخلود.
0 تعليق