2000 مواطن في حوار شفاف مع الحكومة لمناقشة البرامج التنموية وآفاق المستقبل
كتب – عبدالعزيز العبري وليلى الحسنية وبلقيس الحبسية "تصوير: حسين المقبالي"
ـ الجلسات النقاشية تناولت ملامح الخطة الخمسية القادمة ومستقبل الطاقة والاقتصاد الرقمي والتنمية العمرانية ودور المحافظات
ـ تدشين البوابة الموحدة للخدمات الإلكترونية و 4 منصات رقمية للمقترحات ومتابعة الأداء
ـ هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تطلق مجموعة من المبادرات والبرامج الاستراتيجية
ـ ملف الباحثين عن عمل يفرض نفسه في النقاش.. وتأكيد على استيعاب الكفاءات في مهن ووظائف تليق بهم
ـ أمين عام مجلس الوزراء: الملتقى يترجم النهج السامي بأهمية الاستماع إلى رأي المواطن وتطلعاته
وزير الاقتصاد: خطط التنويع نقلت الاقتصاد العماني من حالة العجز إلى تحقيق فائض في الميزانية العامة
توجه استراتيجي نحو الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري وتحقيق الحياد الصفري
وزير الإسكان: نعوّل على تفاعل الشباب العماني مع مشروعات التطوير العمراني والمدن المستدامة
وزير الطاقة والمعادن: نهدف إلى تحقيق ما لا يقل عن 30% من مزيج الطاقة من مصادر متجددة
انطلقت اليوم بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض فعاليات ملتقى "معًا نتقدم" في نسخته الثالثة الذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وذلك برعاية صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب.
ويناقش الملتقى على مدى يومين، بهدف تعزيز التواصل الفاعل بين الحكومة والمجتمع لمناقشة التحديات ومواكبة التطلعات، وإشراك المواطنين في عملية البناء والتطوير بإفساح المجال لإبداء رؤاهم البناءة لدعم السياسات والبرامج التنموية، وإيضاح توجهات الحكومة وأولوياتها في كل مرحلة، وإطلاع المجتمع على سياساتها وبرامجها ومبادراتها بشفافية.
وقال معالي الشيخ الفضل بن محمد الحارثي، أمين عام مجلس الوزراء في كلمة الافتتاح: "يأتي الملتقى تعزيزًا للشراكة المجتمعية من خلال الحوار المباشر بين الحكومة والمجتمع، وذلك عملًا بالنهج السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- بأهمية الاستماع إلى آراء المجتمع وتطلعاته في شتى المجالات. وشهدت النسخة الثالثة من الملتقى تفاعلًا واسعًا من قبل أبناء المجتمع ففي التصويت الذي أجري لاختيار المحور الذي سيطرح هذه النسخة حيث شارك أكثر من 19 ألف مواطن، وحاز محور الاقتصاد والتنمية على أعلى نسبة من الأصوات بعدد تجاوز 12 ألف صوت، والتزامًا بالنهج المتبع لتعزيز مبدأ المشاركة المجتمعية فقد أتيح المجال للمواطنين لاقتراح محور آخر من غير المحاور المعروضة.
وأضاف معاليه: إن نظام التقاعد من بين الموضوعات المطلوبة للنقاش في الملتقى، حيث حصل على 12 ألفًا و 500 صوت، كما شهدت عملية التسجيل لحضور جلسات الملتقى إقبالًا واسعًا إذ سجل عبر المنصة الالكترونية أكثر من 7 آلاف و 500 مواطن، واعتمد الفرز منهجية تعكس نسب توزيع المواطنين في المحافظات بالنظر إلى الفئات العمرية والحالة العملية والمؤهلات العملية. مشيرًا إلى مشاركة أكثر من 2000 مواطن في النسخة الثالثة، أي ما يزيد عن 80% منهم لم يسبق لهم المشاركة في النسختين الماضيتين. وذلك حرصًا على إتاحة الفرصة لمشاركة أكبر عدد ممكن من المواطنين لحضور الملتقى.
وأوضح ان الملتقى ركز على الموضوعات المتعلقة بقطاعات الاقتصاد والتنمية، حيث تم تخصيص الجلسة النقاشية الأولى للحديث عن ملامح الخطة الخمسية القادمة ومستقبل الطاقة والاقتصاد الرقمي والتنمية العمرانية. والجلسة الثانية للحديث عن آليات تنفيذ السياسات الاقتصادية من خلال بيان دور الاستثمار في تنمية الاقتصاد الوطني وأهمية المحتوى المحلي الذي يعزز ريادة الأعمال. كما تناولت الفترة المسائية جلسة حوارية مخصصة لتوضيح دور المحافظات في التنمية الاقتصادية.
وأضاف: تمت دعوة المختصين والمهتمين وعدد من المسجلين لحضور محاور الجلسات الحوارية للحديث عن مقترحاتهم وآرائهم واهتماماتهم والتحديات التي يودون طرحها للتفاعل المباشر مع رؤساء الواحدات الحكومية المعنية بالقطاعات، حيث تم إطلاق 3 منصات وطنية الكترونية لتحسين جودة الخدمات الحكومية، وتيسر الوصول إليها وهي المنظومة الوطنية للتخطيط والتقييم ومتابعة الآداء، البوابة الوطنية الموحدة للخدمات الإلكترونية، والمنصة الوطنية للمقترحات والشكاوي والبلاغات.
الجلسات النقاشية
وضمن الجلسة النقاشية الأولى، استعرض معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري، وزير الاقتصاد، أداء الاقتصاد الوطني في إطار رؤية عمان 2040، مشيرًا إلى الخطة الخمسية العاشرة نقطة انطلاق نحو تنفيذ هذه الرؤية. وركزت هذه الخطة على تعزيز الاقتصاد غير النفطي، والاستثمار في البنية الأساسية، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح معاليه أن الاقتصاد العماني شهد تحولات كبيرة خلال الفترة الماضية، حيث انتقل من حالة العجز إلى تحقيق فائض في الميزانية العامة، كما تحسن الميزان التجاري، وأضاف: إن الخطة الخمسية العاشرة تجاوزت الأهداف المخططة لها، أما فيما يتعلق بالخطة الخمسية الحادية عشرة، فأشار معاليه إلى أنها ستواصل التركيز على التنويع الاقتصادي من خلال تعزيز الهياكل الإنتاجية في القطاعات غير النفطية، خصوصًا الصناعات التحويلية. وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ العديد من المشاريع الاستراتيجية التي ستسهم في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الفرص الاستثمارية في المشاريع المتوسطة والكبيرة، بالإضافة إلى دعم مشاريع ريادة الأعمال.
وأضاف: إن الاقتصاد العماني انتقل من حالة انكماش إلى تعافٍ ثم إلى نمو وتوسع، مشيرًا إلى أن متوسط الأداء الاقتصادي خلال الأعوام 2021-2023 بلغ حوالي 4% بالأسعار الثابتة. وأوضح أن هذا النمو قادته الأنشطة غير النفطية بمتوسط نمو بلغ 4.2%، إلى جانب الأنشطة النفطية التي ساهمت بنسبة 3.9%، مما يعكس توسعًا إيجابيًا في الأداء الاقتصادي مقارنة بالحالة التي كان عليها الاقتصاد مع بداية الخطة الخمسية العاشرة. وأضاف معاليه: إن المرحلة القادمة ستشهد تطورًا كبيرًا في أداء الأنشطة الاقتصادية، حيث ستركز على البناء على مخرجات البرامج الوطنية والمختبرات المتخصصة، مثل مختبر الأمن الغذائي ومختبر القطاعات الصحية. كما أوضح أن هناك توجهًا استراتيجيًا نحو الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري وتحقيق الحياد الصفري، مما يستدعي تعزيز دور الطاقة النظيفة والمتجددة في النمو الاقتصادي.
وأكد معاليه أن الصناعات المرتبطة بالاقتصاد الأخضر ستلعب دورًا محوريًا في المرحلة القادمة، موضحًا أن التركيز سيكون على إنتاج الخلايا الشمسية، التوربينات الهوائية، والمرافق والخدمات المرتبطة بهذه الصناعات.
كما أشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد نموًا في الصناعات المتقدمة، بما في ذلك أشباه الموصلات، والصناعات المرتبطة بالاقتصاد الدائري، مما يعكس توجه السلطنة نحو تنويع الاقتصاد والاستفادة من التقنيات الحديثة لتعزيز النمو المستدام.
وفيما يتعلق بالسياسات المالية ومدى تأثيرها على الطموحات الاقتصادية، تطرق معاليه على أن السياسات المالية لا تشكل عائقًا، بل تعمل على دعم وتعزيز الأداء الاقتصادي، مستشهدًا بتحسن المؤشرات الاقتصادية، لا سيما مؤشرات الائتمان المصرفي. وأوضح أن هذه السياسات تعزز من قدرة الحكومة على الاقتراض بشروط ميسرة، مما يمكنها من تحقيق أهدافها التنموية في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، والتي تعود بالنفع على المجتمع بأسره.
بدوره، استعرض معالي الدكتور خلفان بن سعيد الشعيلي، وزير الإسكان والتخطيط العمراني الاستراتيجية العمرانية التي تمثل القالب المكاني لتنفيذ رؤية عمان 2040، حيث توفر تجسيدًا حيًا لمفاهيم وأهداف الرؤية. وأوضح أن التصاميم العمرانية اعتمدت مباشرة بعد إطلاق الرؤية، مما أسهم في تسريع تنفيذ المشاريع التنموية. وأشار معاليه إلى أنه بعد مرور ما يقارب خمس سنوات على انطلاق رؤية عمان 2040، بدأت سلطنة عمان بجني ثمار تنفيذ البرامج العمرانية، خاصة فيما يتعلق بـتنمية المحافظات. وأضاف: إن هناك تحولًا شاملًا في بيئة المجتمع العمرانية، مع تحسينات كبيرة في البنية الأساسية والمدن المستدامة. وأوضح معاليه أن الفرص الاستثمارية المطروحة حاليًا والمشاريع التي يتم تنفيذها تستهدف في المقام الأول البيئة الاقتصادية، سواء من خلال الاستثمار في البنية الأساسية بتمويل حكومي، أو من خلال الشركات التابعة للحكومة في مجال الخدمات، مما يفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستفادة من هذه المشاريع، خاصة شركات المقاولات والبنية الأساسية. كما أكد على أهمية فتح آفاق جديدة للشباب العماني، سواء من حيث التوظيف أو دعم تنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة. مؤكدًا أن الحكومة تعوّل بشكل كبير على تفاعل الشباب العماني مع هذه المشاريع والمشاركة الفاعلة في تهيئتها وبنائها، موضحًا أن المردود الإيجابي سيكون أكبر وأكثر استدامة كلما زادت مساهمتهم.
من جانبه، استعرض معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي، وزير الطاقة والمعادن التحولات الرئيسية في قطاع الطاقة والمعادن ضمن رؤية عمان 2040، مشيرًا إلى أن السلطنة تشهد تحولًا كبيرًا نحو الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، بهدف تعزيز التنوع الاقتصادي وضمان استدامة الموارد. وأكد أن قطاع الطاقة هو الركيزة الأساسية للاقتصاد العماني، مما يجعله في صميم الاستراتيجية الاقتصادية للدولة. واستعرض معاليه اقتصاد الهيدروجين الأخضر، موضحًا أن سلطنة عمان تتميز بمساحات شاسعة ووفرة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية في المواقع نفسه، وهو أمر نادر عالميًا، مما يجعل السلطنة واحدة من أفضل الدول عالميًا للاستثمار في الطاقة المتجددة. وأشار إلى أن الهدف المحدد لتحول الطاقة هو تحقيق ما لا يقل عن 30% من مزيج الطاقة من مصادر متجددة، تشمل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. كما استعرض معاليه مشاريع الطاقة المتجددة الحالية، مشيرًا إلى أنه تم تدشين مشروعي منح 1 ومنح 2، بطاقة 500 ميجاوات لكل محطة. وأكد أن هناك مناقصتين أو مزايدات حالية لطاقة الرياح مطروحة في السوق.
وفيما يتعلق بقطاع الهيدروجين الأخضر، أوضح معاليه أنه تم تخصيص ما لا يقل عن 50 ألف كيلومتر مربع لمنطقة امتياز قطاع الهيدروجين، حيث تم توزيع الأراضي داخليًا وطرح بعضها للمزايدات الدولية. وأضاف: إن الإقبال الكبير محليًا وعالميًا على مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر يعكس جاذبية الاقتصاد العماني للشركات العالمية والمحلية، مما يعزز مكانة السلطنة كمركز إقليمي رائد في قطاع الطاقة المتجددة. كما استعرض معاليه التطورات في قطاع التعدين، مشيرًا إلى أن عملية إعادة هيكلة القطاع بدأت تجذب المزيد من الشركات المحلية والعالمية للاستثمار في مناطق الامتياز والمواقع العامة للتعدين. وأعرب عن تفاؤله بأن تشهد الفترة المقبلة دخول شركات كبرى إلى قطاع التعدين.
واستعرض معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي، وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات التحولات الرقمية التي يشهدها العالم، مؤكدًا أن التقنية والاتصالات أصبحت العمود الفقري لأي اقتصاد حديث، وأن سلطنة عمان تسارع الخطى نحو التحول الرقمي من خلال تنفيذ مشاريع وبرامج مختلفة. وأوضح معاليه أن قطاع التقنية والاتصالات يشهد تطورًا متسارعًا منذ الثمانينات من القرن الماضي، حيث يعيد خلق نفسه تقريبًا كل خمس سنوات. وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يتوقع أن يكون تأثيره على العالم أضعاف مضاعفة مقارنة بالإنترنت، إذ يقدر أن يتضاعف تأثيره بين خمس إلى ست مرات خلال الثلاثين سنة القادمة، مما سيؤثر على جميع مناحي الحياة.
كما استعرض معاليه برنامج الاقتصاد الرقمي الذي أطلقته الحكومة في عام 2021، موضحًا أن هذا البرنامج يضم عدة مكونات رئيسية، من بينها الذكاء الاصطناعي، صناعة الفضاء، والتحول الرقمي. وأكد أن السلطنة حققت تقدمًا ملحوظًا في مؤشرات التنمية الرقمية، مما انعكس في حصولها على مراكز متقدمة جميعها كانت في الربع الأول في التنافسية الرقمية، لا سيما في التحول الرقمي الحكومي، وتطوير شبكات الاتصال، استراتيجية الذكاء الاصطناعي، وصناعة الأمن السيبراني.
وفيما يخص الذكاء الاصطناعي، أشار معاليه إلى أن سلطنة عمان أطلقت عدة برامج مهمة، حيث تم تخصيص 15 مليون ريال عماني لدعم تنمية مشاريع الذكاء الاصطناعي، وكان أبرزها إطلاق النموذج التنموي الضخم العماني في عام 2025، وإطلاق سوق الذكاء الاصطناعي في العام نفسه.
وأكد معاليه أن التركيز في هذا القطاع ينصب على تعزيز دور الشباب العماني، وجذب الاستثمارات إلى قطاع التقنيات المتقدمة، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في الاستثمارات المرتبطة بالرقائق الإلكترونية، وصناعة الفضاء، وقطاع تقنية المعلومات. كما أشار إلى وجود تقدم ملحوظ في تعميم استخدام التكنولوجيا في مختلف القطاعات، وتسهيل نمو قطاع الاقتصاد الرقمي.
الجلسة الثانية
وناقشت الجلسة النقاشية الثانية محور «الاستثمار ودوره في تنمية الاقتصاد الوطني، المحتوى المحلي، وريادة الأعمال». فشهدت مشاركة معالي عبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العماني، ومعالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وسعادة حليمة بنت راشد الزرعية رئيس هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وسعادة المهندس بدر بن سالم المعمري أمين عام مجلس المناقصات، وسعادة فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان. ويمثل الاستثمار ركيزة أساسية في تنمية الاقتصاد الوطني من خلال دوره في تعزيز النمو المستدام وتوليد فرص العمل، كما يسهم دعم المحتوى المحلي في تعزيز الصناعات الوطنية وزيادة القيمة المضافة للموارد. إلى جانب ذلك، تضطلع ريادة الأعمال بدورٍ محوريٍ في تحفيز الابتكار وتنويع مصادر الدخل؛ مما يسهم في بناء اقتصادٍ متنوعٍ ومستدامٍ يحقق مستهدفات «رؤية عمان 2040».
وعلى هامش الجلسة النقاشية الثانية، أعلنت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن مجموعة من المبادرات والبرامج الاستراتيجية خلال النسخة الثالثة الملتقى، حيث تم إطلاق البرنامج الوطني للصناعات الحرفية لتعزيز الابتكار والتطوير التقني للصناعات الحرفية وتسويق المنتجات لإستكشاف فرصها الاستثمارية، ومبادرة أكاديمية ريادة، لغرس الفكر الريادي وتحويله إلى مشاريع قابلة للتطبيق، ودعم المشاريع. بالإضافة إلى مبادرة مركز ريادة الأعمال لدعم رواد الأمعال ودعم الشركات الناشئة.
الجلسة الثالثة
وخلال الفترة المسائية، شهدت جلسة «تنمية المحافظات ودورها في النمو الاقتصادي» التي شارك فيها أصحاب السمو والمعالي والسعادة المحافظين. واستعرضت إسهام تنمية المحافظات في تحقيق النمو الاقتصادي من خلال تنويع الأنشطة الاقتصادية، واستغلال الميزة التنافسية والموارد المحلية، وتطوير القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة، إضافة إلى تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
أبرز النقاشات
شهدت الجلسة الأولى من ملتقى "معًا نتقدم" حوارًا ثريًا حول مستقبل التنمية في سلطنة عُمان، وقال معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي: إن المشاريع في سلطنة عُمان لن تتوقف بسبب عدم توفر الكهرباء، مشيرًا إلى أن 32% من الطاقة الكهربائية المستخدمة حاليًا تأتي من الطاقة المتجددة، مع الإعلان عن افتتاح محطة الاقتصاد الأخضر.
من جانبه، أوضح معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي، وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أن التطورات التقنية قد تلغي بعض الوظائف، لكنها ستخلق فرصًا جديدةً، مؤكدًا أن سلطنة عمان ستطلق 5 صواريخ إلى الفضاء خلال هذا العام، إلى جانب إطلاق استديو الذكاء الاصطناعي، واستهداف إطلاق أقمار صناعية مكعبة وندعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتطوير اقتصاد الفضاء. بالإضافة إلى إطلاق منصة البوابة الرقمية الموحدة، لتعكس مهجية عمل جديدة تقدمها الحكومة للمواطن.
في السياق ذاته، أشار معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري، وزير الاقتصاد إلى أن المرحلة المقبلة ستركز على الأنشطة القائمة على الاقتصاد الدائري والاقتصاد الأخضر والطاقة البديلة والصناعات المتطورة مثل أشباه الموصلات والصناعات ذات التقنيات المتطورة، لافتًا إلى أن معظم المشرفين والمهندسين والعاملين في مشروع إطلاق القمر الصناعي هم من الكوادر العمانية. أما معالي الدكتور وزير الإسكان والتخطيط العمراني فأعلن عن استحداث مشروع مدينة زراعية في النجد بالشراكة مع وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه، بهدف جذب استثمارات عالمية وتقنية في مجال الزراعة، كما أشار إلى مشروع مستقبلي لإنشاء مدينة مستقبلية مشابهة لمدينة السلطان هيثم في محافظة ظفار على مساحة 7 ملايين متر مربع.
حوار مفتوح
وفتح المجال للحضور والمتابعين عبر التواصل الاجتماعي لطرح تساؤلاتهم في جلسة النقاشية الأولى مع المسؤولين المشاركين في الجلسة والرد بكل شفافية وموضوعية، حيث كانت أحد أهم المحاور عن الميزانية العامة، وتفعيل دور القطاع الخاص في رفع تحسين الميزانية العامة ليعمل بدوره على توفير فرص عمل للشباب الباحثين عن عمل. وعبر المشاركون عن ضرورة التعامل مع ملف الباحثين عن عمل الذي يشكل تحديًا على مستوى جميع القطاعات وضرورة استيعاب الكفاءات الشبابية في مهن ووظائف تليق بهم.
كما تم التطرق إلى أهمية وجود أسماء وكفاءات من ذوي الإعاقة في وضع السياسات العامة و التي تتعلق برؤية عمان 2040، إلى جانب إشراك النساء من ذوي الإعاقة كونهن أكثر احتياجًا لهذا الاهتمام؛ نظرًا لاهتمامهن في تطوير القطاعات الممكنة لطاقات وكفاءات ذوي الاحتياجات الخاصة. بالإضافة إلى موضوع الانتفاع من الأراضي في إنشاء مراكز تأهيل لذوي الإعاقة بالمواصفات التي تتيح تحقيق الاستفادة القصوى من البرامج والدروس التأهيلية التي تسهم في اندماجهم مع المجتمع.
وعن افتتاح أول محطة هيدروجين أخضر والتي تعد الأولى نوعها في سلطنة عمان والشرق الأوسط قال معالي المهندس وزير الطاقة والمعادن: تعد هذه المحطة خطوة نحو إنجازات أكبر في مجال الهيدروجين الأخضر والتي من المأمل تحقيقها حتى 2030. كما أكد معاليه خلال النقاش أن عملية إنتاج الهيدروجين وتحويله هي نتاج استثمار شركات خاصة وليست حكومية. ويأتي هذا الاهتمام ضمن عمل الوزارة على استثمار الطاقات النظيفة بنسبة تصل لـ32 بالمائة حاليا.
وأشار معالي المهندس وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات إلى أنه سيتم إطلاق البوابة الرقمية الموحدة Oman.gov كأحد أبرز التحولات الرقمية التي ستغير من طريقة العمل الحكومي بشكل جذري من خلال تميزها بعدة خاصيات وخيارات تتيح للمستخدمين معرفة وقت إنجاز المعاملة، حيث سيتم تقليص حجم متطلبات إنجاز المعاملات لضمان إنهائها في وقت أسرع، إلى جانب ميزة الاستباقية في تنبيه المستخدمين بتجديد الرخص والمعاملات قبل وقت انتهائها. وتعكس هذه البوابة حرص الوزارة على استثمار التحول الرقمي وتوظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في إتمام الخدمات الحكومية.
وحول مدى كفاية نسبة النمو المستهدفة في الخطة الخمسية العاشرة مقارنةً بمعدلات النمو السابقة، جاء رد معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري، وزير الاقتصاد، موضحًا أن رؤية عمان 2040 استهدفت تحقيق متوسط نمو بنسبة 5%، إلا أن تحديد 3.5% كمستهدف في الخطة الخمسية العاشرة كان نتيجةً للظروف الاقتصادية التي مرت بها السلطنة والعالم. وأشار معاليه إلى أن الاقتصاد العماني شهد تحديات كبيرة، أبرزها انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، تلاه التأثير الحاد لجائحة كوفيد-19 في 2020، مما زاد من حالة عدم اليقين الاقتصادي. لذا، عند وضع مستهدفات النمو للخطة الخمسية العاشرة، كان لا بد من الموازنة بين الطموح والواقع، حيث اعتُبرت نسبة 3.5% الأكثر واقعية في ظل تلك الظروف.
وعن تأثير السياسات المالية والاقتصادية، أكد معاليه أن السلطنة تمكنت من تحقيق متوسط نمو تجاوز 4% حتى نهاية 2023، مدفوعًا بشكل أساسي بالأنشطة غير النفطية. كما أيد معاليه أهمية تقليل الاعتماد على العمالة غير العمانية، مشيرًا إلى أن التحويلات المالية للخارج تمثل تحديًا للاقتصاد الوطني، مما يستدعي تعزيز سياسات الإحلال وتوطين الوظائف، إلى جانب دعم الشركات المحلية للحد من خروج الأرباح خارج السلطنة.
وردًا على تساؤل أحد الطلبة حول توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات المختلفة، أشار معالي الوزير إلى أهمية تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة القطاعات الحكومية، مثل: التجارة والصناعة، التربية، والصحة، بما يسهم في تحسين الأداء والخدمات المقدمة. كما أكد أن هناك جهودًا مستمرةً للاستثمار في هذا المجال، مع التركيز على تطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز القدرات المحلية في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يسهم في خلق فرص جديدة وتقليل الاعتماد على الحلول التقليدية.
تدشين منصات موحدة
وعلى هامش اليوم الأول تم تدشين منصات موحدة لخدمات متعددة وهي عبارة عن منصات ذكية شارك المواطنون في إطلاقها، وتعتبر من مخرجات المسابقة المصاحبة لنسخة الملتقى في العام المنصرم، حيث تترجم هذه المنصات الاهتمام التي توليه الحكومة ضمن الشراكة المجتمعية في صنع القرارات والسياسات التي تدعم تطور وطننا العزيز، وهي منصة "تجاوب" التي تمثل المنصة الوطنية للمقترحات والشكاوى والبلاغات في المؤسسات الحكومية لتحسين الخدمات الحكومية بما يعزز الرضا لدى المستفيدين. ومنصة "أداء" التي تعنى بالمنظومة الوطنية للتخطيط والتقييم ومتابعة الأداء، وتتمثل في منصة رقمية تضم مختلف الجهات الحكومية يتم من خلالها التقييم والتخطيط ومتابعة الأداء للمستهدفات والبرامج الاستراتيجية والخطط السنوية بما يتواءم مع رؤية عمان 2040. بالإضافة إلى منصة "جوف دوت أوم" والتي تمثل البوابة الوطنية الموحدة للخدمات الإلكترونية وهي بوابة رقمية لتقديم كافة الخدمات الحكومية الرقمية في سلطنة عمان دون الذهاب إلى نقد الوحدات الحكومية لإنجاز المعاملات.
آراء المشاركين
عبّر مالك بن محمد الهنائي، أحد المشاركين في الملتقى، عن انطباعه الإيجابي مشيرًا إلى أنها مشاركته الأولى في هذه الفعالية. وأوضح أنه شارك بصفة شخصية وليس ممثلًا لأي جهة، مؤكدًا أن تجربة المشاركة كانت سلسة منذ لحظة استلام رسالة القبول، حيث لمس فيها روح الشفافية والانفتاح، خاصة مع الإشارة إلى أن الجلسات ستكون بلا قيود رسمية، مما عزز ثقته بأن الحوار سيكون صريحًا وبعيدًا عن التكلف. وأشار إلى أن الجلسة النقاشية الأولى التي حضرها، تميزت بالصراحة والشفافية، حيث شهدت تجاوبًا كبيرًا من المسؤولين مع استفسارات الحضور. كما بيّن أن العديد من الأسئلة التي طُرحت كان يُعتقد أنها لن تحظى بردود مباشرة، إلا أن الإجابات جاءت واضحة. وأكّد أن بعض الأسئلة دارت حول الأرقام والحقائق الاقتصادية، ورغم توقع البعض تجنب الحديث عنها، إلا أن الطرح كان صريحًا وموضوعيًا. كما أوضح أن الملتقى شهد تدشين عدد من المبادرات والمنصات الإلكترونية مثل: منصة "تجاوب" ومنصة "صادرات عمان"، التي تمثل قنوات تواصل بين الجمهور والجهات الحكومية، ما يعزز من فاعلية الحوار بين المواطنين وصناع القرار. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الملتقيات في تحقيق نتائج ملموسة، مشيرًا إلى أن بعض التجارب والمبادرات التي تم طرحها في النسخ السابقة قد وجدت طريقها للتنفيذ على أرض الواقع، مما يعكس أهمية استمرارية هذه اللقاءات. كما أبدى تطلعه إلى أن تكون ردود الأفعال إيجابية، وأن تحقق هذه الملتقيات الأهداف المرسومة لها، من خلال تقديم حلول عملية وتوصيات قابلة للتنفيذ تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للسلطنة.
بدوره، أوضح أشرف بن سالم الهاشمي، أحد المشاركين في الملتقى أنه يشارك في الملتقى للمرة الثانية كمشارك فردي. وأشار إلى وجود تفاوت في ردود المشاركين والأسئلة المطروحة حول مختلف الموضوعات، مما يعكس تنوع وجهات النظر والتحديات المطروحة للنقاش. وأشار إلى أنه كان من المتوقع أن يتم استعراض مؤشرات أداء واضحة، مع تقديم دراسات توضح ما تم تحقيقه من إنجازات منذ الملتقى الثاني. كما أكد على أهمية دمج ما يتم تحقيقه ضمن رؤية عمان 2040، وربط ذلك بالمناقشات المطروحة في هذه النسخة، بحيث يتمكن الجميع، سواء الحاضرون في القاعة أو المتابعون عن بُعد، من معرفة الاتجاه الذي تسير فيه سلطنة عمان وفق خطتها الاستراتيجية. وأشار إلى أن سلطنة عمان تقترب من نهاية الخطة الخمسية العاشرة وبداية الخطة الخمسية الحادية عشرة، مما يجعل من الضروري توضيح ما تم إنجازه حتى الآن، وما الذي ينتظر المرحلة القادمة. وأكد أن استعراض أهم المؤشرات والمرتكزات الخاصة بالخطة كان سيضيف بعدًا أكثر وضوحًا للنقاشات، مما يساعد في تقييم التقدم المحرز وتحديد الأولويات المستقبلية.
من جانبها، عبّرت غيداء بنت أحمد البلوشية عن أهمية هذا اللقاء في تعزيز التعاون وإشراك المواطنين من مختلف الشرائح والمحافظات، مؤكدةً على دوره في تحقيق التكامل بين مختلف الجهات الحكومية.
وأشارت إلى أن اللقاء يوفر منصة تجمع القادة وصناع القرار لمناقشة التحديات والفرص الاقتصادية، مما يسهم في تطوير السياسات الاقتصادية الفعالة التي تدعم النمو المستدام، وتحسن بيئة الأعمال في عمان. وبيّنت أن اللقاء يسهم في بناء شراكات استراتيجية تعزز القدرة التنافسية، وتدعم الابتكار في المشاريع. كما لفتت إلى أن الحدث يشكل فرصة مهمة لتبادل المعرفة والخبرات بين المشاركين، مما يسهم في تطوير القدرات المحلية وتحسين الأداء الاقتصادي العام. وأكدت أن اللقاء يتيح الفرصة لتسليط الضوء على القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إلى اهتمام ودعم من الحكومة والمجتمع، معتبرةً أنه خطوة محورية نحو تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي وفق رؤية عمان 2040.
وقالت ميمونة بنت موسى الوهيبية: إن الجلسة الأولى حصدت تفاعلًا جيدًا في مختلف الموضوعات المطروحة، كما لاقت نقاشات الحضور تجاوبًا سريعًا وشفافًا وهذا الأمر يعكس قيم الشراكة والشفافية في طرح الموضوعات والقضايا دون وضع حواجز بين المسؤولين والحضور. وأضافت: الملتقى يمثل إحدى المنصات السنوية الفاعلة التي تسهم في بناء جسر تواصل فاعل بين مختلف فئات المجتمع والجهات المختصة في القطاع الحكومي بما يحقق لهم المصلحة العامة ويستجيب للرؤى والتطلعات.
0 تعليق