ما بعد "ليب 25".. هل تتحقّق مفاجأة الذكاء الاصطناعي؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خلال تصفحي اليومي لمنصات التواصل الاجتماعي، شدّ انتباهي كثرة الصور والمقاطع التي تُتناقل عن المؤتمر التقني لعام 2025 "ليب25 (LEAP25)"، المقامة في العاصمة السعودية الرياض. قد يظن البعض أن الحديث عن هذا الحدث التقني ينتهي بانتهاء أيامه، لكن المفاجأة تكمن في أن أصداءه ماتزال حيّة، تتنقّل بين حوارات المبتكرين وروّاد الأعمال وحتى متابعي التقنية العاديين. كيف لا وقد حمل "ليب 25" في طيّاته عروضاً وأفكاراً تبدو – للوهلة الأولى – وكأنها قادمة من المستقبل، مثيرة فضول العالم حول إمكانيات جديدة في التكنولوجيا والابتكار.

ما لفت انتباهي أكثر هو الحماسة التي انعكست على المشهد العام في السعودية؛ فالمملكة لم تعد مجرّد مُستضيف لحدثٍ دولي، بل تبدو ماضية في طريق واضح نحو التحوّل إلى منصة إقليمية للابتكار. رؤية 2030 الطموحة نقلت الخطط من حيّز الورق إلى أرض الواقع، لتتحوّل إلى استثمارات ضخمة في البنية الرقمية ومشاريع مدن المستقبل. لذا فلا غرابة أن تُلوَّح التساؤلات: هل ستفاجئنا السعودية قريباً بنموذج ذكاء اصطناعي محلي يُنافس الشركات العملاقة عالمياً؟

ربما يعتقد البعض أن هذا الطموح مبالغٌ فيه، لكننا شاهدنا من قبل كيف استطاعت شركات حديثة العهد، مثل "دييب سكيب (ـDeepSeek)"، إحداث ثورة في عالم النماذج اللغوية والذكاء الاصطناعي. وما الذي يمنع منطقتنا من الحلم بتكرار هذا السيناريو بل وتجاوزه؟ فالأمر لا يتعلّق فقط بالموارد المالية، بل بروح الابتكار والجُرأة التي ظهرت واضحة في "ليب 25".

في السنوات الأخيرة، قدّمت المملكة نماذج ذكاء اصطناعي مثل "أعلام (ALLaM)"، الذي طوّر بالتعاون بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" وشركات عالمية، إلى جانب نموذج "ملهم (Mulhem)" من شركة سعودية متخصصة. ورغم جودتها، لم تحظَ هذه النماذج بالزخم الإعلامي أو بقاعدة مستخدمين واسعة تواكب طموحاتنا. وفي الوقت نفسه، دخلت الإمارات بقوة على هذا المضمار عبر إطلاق نموذج "فالكون (Falcon)"، الذي أثبت كفاءة عالية بين النماذج مفتوحة المصدر، لكنه لا يزال موجَّهاً بشكل رئيس للأوساط التقنية والأكاديمية. وتلك النماذج والنجاحات لم يحقّق بعدُ انتشاراً عالمياً واسعاً كما هو الحال في النماذج الصينية.

ومع ذلك، لا تقتصر المسألة على مجرّد إبراز التقنيات الحديثة؛ بل أن هذه المبادرات تُشكّل محطة يستمد منها الشباب العربي إلهامهم ويطلق العنان لمخيلتهم. إننا نتطلع، وربما بفارغ الصبر، إلى تلك اللحظة التي يُعلن فيها عن إطلاق نموذج ذكاء اصطناعي عربي، يُنافس على الصعيد الدولي ويضع منطقتنا في مصاف الدول الرائدة. فقد أثبتنا مراراً أن الشغف لدى شبابنا حاضر، وأن البيئة المواتية للابتكار باتت تتشكل تدريجياً، مدعومة بالتطوير المستمر في التعليم والتدريب وبرامج الاحتضان التي تُلهم المواهب الجديدة.

ربما لن يطول انتظارنا، في وقت تتزايد فيه وتيرة التغيير التقني على مستوى العالم. وفي تلك اللحظة، لن نكون مجرّد متابعين لأخبار تبهرنا من بعيد، بل سنكون جزءاً من الحكاية؛ نعيش التفاصيل ونرويها بفخر للأجيال القادمة، لنؤكد أن الطريق إلى المستقبل لم يعد حكراً على أحد، وأن منطقتنا قادرة على صناعة الفرق.

* خبير تقني

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق