دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تتدلى لقمة من معكرونة السباغيتي الملفوفة بشكل مثالي من شوكة في الهواء. إلى جانبها وعاء من "الرامن"،و طبق "كاتسودون" مكوّن من البيض الطازج وشرائح لحم الخنزير المقليّة، كأنه خارج للتو من المقلاة.
وتتكدس الأطباق بقطع "الساشيمي" الملونة، وحلوى البارفيه المزخرف. إنها وليمة للعيون، وللعيون فقط.
هذه هي "شوكوهين سامبورو"، أي النسخ المقلدة للطعام التي تبدو شديدة الواقعية، والتي تُعرض عادةً أمام المطاعم في اليابان بهدف جذب الزبائن إلى الداخل.
وتُعتبر هذه النسخ مشهداً مألوفاً في اليابان، وهي الآن معروضة في لندن ضمن معرض يُعد الأول من نوعه، وفقاً لما ذكره سايمون رايت، القيّم على المعرض ومدير البرامج في "Japan House London".
ويتميز معرض "Looks Delicious!" بنسخ طبق الأصل من صنع مجموعة "إيواساكي"، وهي أول شركة متخصصة في إنتاج هذه الأطعمة المزيفة التي لا تزال حتى اليوم أكبر منتج لها في اليابان. ويُقال إن مؤسسها، وهو تاكيزو إيواساكي، استوحى فكرة إنشاء نماذج شمعية للطعام من ذكريات الطفولة، عندما رأى الشمع يسقط في بركة ويتشكّل على شكل زهرة.
وتعرض نسخة من أول نموذج لإيواساكي على الإطلاق، المستوحى من عجة أعدتها زوجته، في المعرض، وتسمى "كينين أومو" أو "عجة الاحتفال". ومع مرور الوقت، طور إيواساكي طريقة إنتاجه باستخدام قوالب الشمع وهلام "الأجار"، رغم أن الشركة تستخدم الآن بشكل أساسي مادة "البولي فينيل كلوريد".
لكنّ قصة منشأ نسخ الطعام على نطاق أوسع تعد "فوضوية"، وفقًا لناثان هوبسون، أستاذ اللغة اليابانية في جامعة "بيرغن" الذي درس الموضوع بعمق. وقال هوبسون لـCNN، إن هناك عددًا لا يحصى من النظريات حول كيفية إدخال هذه النسخ إلى الثقافة اليابانية.
إحدى التفسيرات الشائعة هي أنها صُنعت لتعريف الجمهور الياباني "الفضولي والحذر" بالأطباق الغربية.
ومن بين قطع الطعام الياباني التقليدي، يضم المعرض أيضًا نماذج لافتة للنظر من شرائح لحم الخنزير المقدد والبيض والجبن المشوي.
وتتمثل القطعة الرئيسية للمعرض في خريطة لليابان مكونة من نسخ طبقية للأطعمة تمثل كل محافظة من محافظات البلاد البالغ عددها 47 محافظة. وقد تم تكليف مجموعة إيواساكي بصنع كل نسخة طبقية خصيصًا، حيث قامت بإنشاء نسخ طبقية لبعض الأطباق لأول مرة على الإطلاق.
ولم يكن من السهل على فريق رايت اختيار طبق واحد فقط لكل محافظة، إذ بدأ الفريق بالتشاور مع قائمة أعدتها وزارة الزراعة والثروة السمكية اليابانية، قبل أن يتواصل أيضًا مع أشخاص من المناطق.
وقد استثنيت محافظة هوكايدو الواقعة في أقصى الشمال، وهي المحافظة الوحيدة التي يمثلها طبقان: "كايسن دون"، وهو وعاء من الأرز المزين بالمأكولات البحرية، و"أوهاو"، وهو حساء من مجتمع الأينو الأصلي. ولم يسبق لمجموعة إيواساكي أن صنعت نموذج من طبق "أوهاو" من قبل، لذا كان على فريق المعرض أن يطلب من المجتمع المحلي أن يصنع لهم الطبق الذي أرسل إلى أوساكا، وتم تصويره وتحويله إلى نسخة طبق الأصل في اليوم التالي.
ويعد إنشاء انطباع السوائل الواقعية أحد أصعب التقنيات التي يمكن إتقانها في صناعة النماذج الأصلية. وإذا نفّذت بشكل صحيح، فإن النتيجة هي أوعية من الحساء، وكؤوس من النبيذ التي تعطي إحساسًا بأنها ستنسكب على الطاولة إذا أساء زائر فضولي التعامل معها.
وأوضح رايت أنّ هناك نوع من "الواقعية المفرطة" في هذه الأطعمة التي تهدف إلى تحفيز ذاكرة العميل المحتمل وخياله، ومن المأمول أن تلفت أنظاره. وقال: "إنها موجودة لجذب الناس في لحظة لإغوائهم من أجل تناول الغداء أو العشاء هناك".
والأهم من ذلك، أن الناس يثقون بأن الطعام الذي يرونه معروضًا سيتطابق مع الطعام الذي يحصلون عليه في الواقع، حيث وصفه هوبسون بأنه بمثابة "وعد". وقال: "يمكنني الدخول إلى أي مكان في اليابان، في أي بلدة أو مدينة، وأعرف بالضبط ما سأحصل عليه".
0 تعليق