ضمن مستجدات التعامل بالذكاء الاصطناعي في جميع مجالات الحياة والمؤسسات سواء العامة أو الخاصة، قرأت عن قضية احتيال كان بطلها الرئيسي الذكاء الاصطناعي، حيث تمكّن مجهول من خداع سيدة والتحاور معها بصوت وصورة "فيديو" أحد المشاهير، واستطاع أن يستولي على مئات الآلاف من الدولارات بتلك الوسيلة البسيطة.
وهنا مازلنا نتحدّث عن الاستخدام الشخصي لأدوات معاونة في النصب والاحتيال، لكن المشكلة الأكبر هي ما ستصل إليه لتخلي إمكانيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والقدرة على التكيّف وخلق أفكار وارتكاب جرائم -في حال ما قرّر الروبوت اتخاذ منحى إجرامي- ولهذا فنحن مازلنا لا نعلم ما سنواجهه أو طبيعة الكائن القادم إلينا من المجهول.
ولا يختلف المطورون لهذا الذكاء الاصطناعي عن الناس الآخرين في عدم القدرة على تحديد أبعاد ما يُمكن للروبوتات أن تفعله بنا خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع الإعلان عن قدرات أجهزة حاسوبية متطورة تستطيع أن تفك شيفرات "البلوكتشين"، وهذا يضع العالم كله أمام خطر كبير جداً.
والمشكلة الأهم هو قدرة البنوك على مواجهة هذه التحديات الكبيرة، يوماً بعد آخر، فنحن مازلنا في البنوك لم نتعامل بشكل كامل مع تقنيات حزم البيانات الكبيرة والبلوكتشين، فكيف الوضع مع التكنولوجيا المتاحة والمستخدمة حالياً في جميع بنوك العالم.
اليوم يُمثّل الاقتصاد الرقمي قرابة 15.5% من الناتج الإجمالي العالمي، ويُتوقّع أن يشكّل الأساس لما يصل إلى 70% من إجمالي القيم الجديدة التي سيتمّ استحداثها في الاقتصاد العالمي على مدى العقد المقبل، لكن في المقابل هناك تحديات بشأن المعلومات الخاطئة، والتي تعتبر أكبر تهديد سيواجهه العالم على المدى القصير.
ولو نظرنا إلى العملات الرقمية التي تظهر كل يوم وارتفاع قيمتها بمئات الأضعاف خلال ساعات، مثل عملة الرئيس الأمريكي الجديد "ترامب" ثم زوجته التي تحاول اللحاق به بعملتها أيضاً، فسنجد أنها ليست سوى حالة هزلية مرتبطة بوضع سياسي قائم لفترة معيّنة، ثم لا يمكن تَوقُّع ما سيحدث لمثل هذه العملات المشفرة بعد مغادرة صاحبها لمنصبه أو حتى وفاته وكم ستصل قيمتها في ذاك الوقت؟
أمور كثيرة لا يمكن طرحها جميعاً على أرضية البحث والنقاش، لكنّنا نعاني اليوم من الانفتاح الواسع لخصوصيتنا على مرأى ومسمع من جميع "هكرز" العالم، الذين يستطيعون بسهولة فعل أي شيء غير مُتوقّع، ثم تأتي من بعدهم الروبوتات الداخلة أيضاً إلى شرذمة المجرمين من البشر بعقولهم ذات الذكاء التوليدي، ولا نعلم ماذا ستلد لنا هذه الروبوتات في أيام حبلى بالمفاجآت؟!
والسؤال المطروح في عنوان المقال بشأن مدى الثقة في الوجوه التي نتعامل معها عبر هواتفنا.. هل هي فعلاً وجوه حقيقية؟ أم أنها مصنّعة ومخلّقة تقنياً، وهل ستظلّ تقنية المصادقة بالوجه فعّالة ومأمونة أم إنها تحتاج إلى مراجعة؟
0 تعليق