قيل عن الحضارة والإنسان "من لم ير غرناطة لم ير شيئاً بعد"، ومن خلال السياحة، يمكن خلق تجربة ثقافية، لا ترفع مساهمة القطاع السياحي ضمن الناتج المحلي الإجمالي فقط، وإنما تقوم بوظيفة جليلة من خلال تقديم صورة واقعية لشعوب ودول الخليج والمنطقة العربية إلى العالم.
إن استراتيجية السياحة لمملكة البحرين 2022- 2026، تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل للمواطنين، من خلال رفع عدد الزوّار القادمين إلى مملكة البحرين إلى 14.1 مليون زائر في عام 2026، وزيادة متوسط إنفاق الزائر يومياً إلى 74.8 دينار بحريني، من خلال 7 ركائز استراتيجية هي: الواجهات والأنشطة البحرية، وسياحة الأعمال، والسياحة الرياضية، والسياحة الترفيهية، والسياحة العلاجية، والسياحة الثقافية، وسياحة الإعلام والأفلام السينمائية.
وبالإمكان تحقيق هذه الأهداف وأكثر منها، إذا جعلنا من السياحة تجربة تعليمية وروحية تغذي العقل، وتعمل على مد جسور التواصل بين الثقافات وتعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب، وتقدم الكثير من الفرص مثل التعارف وتعلم اللغات الأجنبية وتذوق النكهات الجديدة والتواصل مع البشر وبناء التسامح، مثلما حدث نوعاً ما في فعاليتي "ليالي المحرق" و"ريترو المنامة" خلال موسم أعياد البحرين الأخيرة.
ويمكن القول إن المنطقة العربية، وفي القلب منها الخليج العربي، كانت من أكثر المناطق في العالم التي عانت من القصف الإعلامي بالصور الذهنية والنمطية السلبية، والتي يمكن تعريفها بأنها "توقع ثابت عن أشخاص وأشياء ووقائع، وحكم قبلي يؤدي بالمرء إلى التعميم المبالغ فيه"، ويرى المتخصصون أن القالب النمطي الثابت هو "تصور يتسم بالتصلب والتبسيط المفرط عن جماعة معينة في ضوء وصف وتصنيف الأشخاص الذين ينتمون لها بناءً على مجموعة من الصفات والخصائص".
وهناك الكثير من النماذج التي يقوم الإعلام من خلالها بتشكيل الصورة النمطية عن الدول والشعوب، وتشير إلى دور مصادر المعلومات وطبيعة المحتوى الإعلامي في التأثير على الأفراد لاكتساب معتقدات واتجاهات معينة تجاه الدول والشعوب.
ورغم أن الصور النمطية جامدة إلا أنه يمكن تغييرها، ومن الأدوات الهامة السياحة، لأنها في الأساس صناعة، محورها الإنسان، الاتصالات، والمجتمع، وجوهرها هو الاستضافة والضيافة، وفي مثل هذه الأجواء يقال إن الضيف هو حبيب الله. فالسياحة يمكن أن تكون أداة فعالة لتعزيز وتوسيع السلام والصداقة والتعايش السلمي في العالم، بالإضافة إلى التنمية الاقتصادية.
وهنا يمكن أن يأتي السائحون لمشاهدة حضارة البحرين ومعالمها الثقافية القديمة والحديثة التي تحكي قصة شعب عبر تاريخه الطويل والحاضر، ويلتقون بالشعب البحريني المشهور بكلمة "يا حبيبي" التي يتغنى بها كل من سمعها وتذوقها من الزوار والمقيمين الأجانب، قبل أن يرحلوا وهم يحملون صورة واقعية جميلة.
وبالشراكة بين القطاعات الثلاثة ربما يقولون: "من لم ير البحرين لم ير شيئاً جميلاً بعد".
0 تعليق